ذَلِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّهُ قَدْ عَمِيَ، فَمَكَثَ حِينًا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَدْ زَمِنَ، وَكَانَ أَوَّلًا يُقَادُ إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ صَارَ يُحْمَلُ، فَمَكَثَ سَنَةً كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: سَيَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْبَلْدَةِ رَجُلٌ صَالِحٌ يَكُونُ شِفَاؤُكَ عَلَى يَدَيْهِ، فَمَا كَانَ مِنْ قَرِيبٍ حَتَّى كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي وَاعَدَهُ فِيهِ الْحَلَّاجُ، وَدَخَلَ الْحَلَّاجُ الْبَلْدَةَ مُخْتَفِيًا وَعَلَيْهِ ثِيَابُ صُوفٍ بِيضٌ فَلَزِمَ سَارِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَعَبَّدُ فِيهِ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى أَحَدٍ، فَابْتَدَرَ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ الْمُتَعَامِي الْمُتَزَامِنِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدِمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَهَلُمَّ إِلَيْهِ، فَحَمَلُوهُ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَعَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ لِي كَذَا وَكَذَا، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ أَنْتَ إِيَّاهُ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَالنَّاسُ حُضُورٌ مُتَكَاثِرُونَ يَنْظُرُونَ مَاذَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ، فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ وَقَامَ قَائِمًا عَلَى قَدَمَيْهِ، فَضَجَّ النَّاسُ وَعَظَّمُوا الْحَلَّاجَ تَعْظِيمًا زَائِدًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَقٍّ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَبَقِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عِنْدَهُمْ عِدَّةَ شُهُورٍ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنْ رَدَّ عَلَيَّ بَصَرِي وَشَفَانِي وَيَنْبَغِي أَنْ أُجَاهِدَ فِي سَبِيلِهِ بِثَغْرِ طَرَسُوسَ فَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ فَجَمَعُوا لَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ مَالًا جَزِيلًا أُلُوفًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، ثُمَّ وَدَّعَهُمْ وَوَدَّعُوهُ، فَذَهَبَ إِلَى الْحَلَّاجِ فَاقْتَسَمَا ذَلِكَ الْمَالَ.
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ الْحَلَّاجَ لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَخْتَبِرَهُ فَجِئْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: تَشَهَّ عَلَيَّ السَّاعَةَ شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَشْتَهِي سَمَكًا طَرِيًّا، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَغَابَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ سَمَكَةٌ تَضْطَرِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute