للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ صَدَقَةَ التَّغْلِبِيُّ.

الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَيَّاطِ، الشَّاعِرُ الدِّمَشْقِيُّ الْكَاتِبُ الْمَاهِرُ، لَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ مَشْهُورٍ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: خُتِمَ بِهِ دِيوَانُ الشُّعَرَاءِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ شَاعِرًا مَاهِرًا مُحْسِنًا مُجِيدًا مُكْثِرًا، حُفَظَةً لِأَشْعَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَخْبَارِهِمْ. وَأَوْرَدَ لَهُ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ مِنْ شَعْرِهِ الرَّائِعِ قِطَعًا; مِنْ ذَلِكَ قَصِيدَتُهُ الَّتِي لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا لَكَفَتْهُ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ فِي أَوَّلِهَا:

خُذَا مِنْ صَبَا نَجْدٍ أَمَانًا لِقَلْبِهِ … فَقْدَ كَادَ رَيَّاهَا يَطِيرُ بِلُبِّهِ

وَإِيَّاكُمَا ذَاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ … مَتَى هَبَّ كَانَ الْوَجْدُ أَيْسَرَ خَطْبِهِ

خَلِيلَيَّ لَوْ أَحْبَبْتُمَا لَعَلِمْتُمَا … مَحَلَّ الْهَوَى مِنْ مُغْرَمِ الْقَلْبِ صَبِّهِ

يُذَكَّرُ وَالذِّكْرَى تَشُوقُ وَذُو الْهَوَى … يَتُوقُ وَمَنْ يَعْلَقْ بِهِ الْحُبُّ يُصْبِهِ

غَرَامٌ عَلَى يَأْسِ الْهَوَى وَرَجَائِهِ … وَشَوْقٌ عَلَى بُعْدِ الْمَزَارِ وَقُرْبِهِ

وَفِي الرَّكْبِ مَطْوِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى جَوًى … مَتَى يَدْعُهُ دَاعِي الْغَرَامِ يُلَبِّهِ

إِذَا خَطَرَتْ مِنْ جَانِبِ الرَّمْلِ نَفْحَةٌ … تَضَمَّنَ مِنْهَا دَاؤُهُ دُونَ صَحْبِهِ

وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الْأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ … وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْرَاضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ

أَغَارُ إِذَا آنَسْتُ فِي الْحَيِّ أَنَّةً … حَذَارًا وَخَوْفًا أَنْ تَكُونَ لَحُبِّهِ

وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ عَنْ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً بِدِمَشْقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>