أَنْ يَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ مَرْحَلَةً مَرْحَلَةً، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِالْأَرَاجِيفِ، فَاجْتَمَعَ الْأُمَرَاءُ يَوْمَ الْأَحَدِ الْمَذْكُورِ بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ، وَتَحَالَفُوا عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَشَجَّعُوا أَنْفُسَهُمْ، وَنُودِيَ بِالْبَلَدِ أَنْ لَا يَرْحَلَ أَحَدٌ مِنْهُ، فَسَكَنَ النَّاسُ، وَجَلَسَ الْقُضَاةُ بِالْجَامِعِ، وَحَلَّفُوا جَمَاعَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْعَامَّةِ عَلَى الْقِتَالِ، وَتَوَجَّهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى الْعَسْكَرِ الْوَاصِلِ مِنْ حَمَاةَ، فَاجْتَمَعَ بِهِمْ فِي الْقُطَيِّفَةِ، فَأَعْلَمَهُمْ بِمَا تَحَالَفَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ وَالنَّاسُ مِنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ، وَحَلَفُوا مَعَهُمْ، وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ يَحْلِفُ لِلْأُمَرَاءِ وَالنَّاسِ: إِنَّكُمْ فِي هَذِهِ الْكَرَّةِ مَنْصُورُونَ عَلَى التَّتَارِ، فَيَقُولُ لَهُ الْأُمَرَاءُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَحْقِيقًا لَا تَعْلِيقًا، وَكَانَ يَتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: ٦٠] .
وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَالِ هَؤُلَاءِ التَّتَرِ مِنْ أَيِّ قَبِيلٍ هُوَ، فَإِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ، وَلَيْسُوا بُغَاةً عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي طَاعَتِهِ فِي وَقْتٍ ثُمَّ خَالَفُوهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْهُمَا، وَهَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِإِقَامَةِ الْحَقِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعِيبُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا هُمْ مُتَلَبِّسُونَ بِهِ مِنَ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute