للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا آلَ مَرْوَانَ إِنَّ اللَّهَ مُهْلِكُكُمْ ... وَمُبْدِلٌ أَمْنَكُمْ خَوْفًا وَتَشْرِيدَا

لَا عَمَّرَ اللَّهُ مِنْ أَنْسَالِكُمْ أَحَدًا ... وَبَثَّكُمْ فِي بِلَادِ الْخَوْفِ تَطْرِيدَا

وَرَوَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفَّاحَ نَظَرَ يَوْمًا فِي الْمِرْآةِ - وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَجْهًا - فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا أَقُولُ كَمَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَنَا الْخَلِيفَةُ الشَّابُّ. وَلَكِنِّي أَقُولُ: اللَّهُمَّ عَمِّرْنِي طَوِيلًا فِي طَاعَتِكَ مُمَتَّعًا بِالْعَافِيَةِ. فَمَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهُ حَتَّى سَمِعَ غُلَامًا يَقُولُ لِآخَرَ: الْأَجَلُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ. فَتَطَيَّرَ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَالَ: حَسْبِيَ اللَّهُ، لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكُّلِي، وَبِهِ أَسْتَعِينُ. فَمَاتَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ أَنَّ الرَّشِيدَ أَمَرَ ابْنَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ مَا يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّةِ السَّفَّاحِ، فَأَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ عِيسَى أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى السَّفَّاحِ يَوْمَ عَرَفَةَ بُكْرَةً فَوَجَدَهُ صَائِمًا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُحَادِثَهُ فِي يَوْمِهِ هَذَا، ثُمَّ يَخْتِمُ ذَلِكَ بِفِطْرِهِ عِنْدَهُ. قَالَ: فَحَادَثْتُهُ حَتَّى أَخَذَهُ النَّوْمُ، فَقُمْتُ عَنْهُ، وَقُلْتُ: أُقِيلَ فِي مَنْزِلِي، ثُمَّ أَجِيءُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَذَهَبْتُ فَنِمْتُ قَلِيلًا ثُمَّ قُمْتُ، فَأَقْبَلْتُ إِلَى دَارِهِ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ بَشِيرٌ مِنْ أَهْلِ السِّنْدِ بِبَيْعَتِهِمْ لِلْخَلِيفَةِ وَتَسْلِيمِ الْأُمُورِ إِلَى نُوَّابِهِ. قَالَ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى الَّذِي وَفَّقَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>