وَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا الِاسْتِعَانَةِ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الضُّرِّ، وَالشِّدَّةِ، وَالضِّيقِ، بِكَثْرَةِ الصَّلَاةِ; كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: ٤٥] . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ يَقْدِرُونَ عَلَى إِظْهَارِ عِبَادَتِهِمْ فِي مُجْتَمَعَاتِهِمْ، وَمَعَابِدِهِمْ، فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتِهِمْ، عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُمْ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الدِّينِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، الَّذِي اقْتَضَى حَالُهُمْ إِخْفَاءَهُ; خَوْفًا مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ. وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَقْوَى; لِقَوْلِهِ: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٨٧] وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي الثَّانِيَ أَيْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: ٨٧] أَيْ; مُتَقَابِلَةً.
{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ - قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [يونس: ٨٨ - ٨٩]
[يُونُسَ ٨٨ - ٨٩] . هَذِهِ دَعْوَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعَا بِهَا كَلِيمُ اللَّهِ مُوسَى، عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ فِرْعَوْنَ; غَضَبًا لِلَّهِ عَلَيْهِ، لِتَكَبُّرِهِ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَصَدِّهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَمُعَانَدَتِهِ، وَعُتُوِّهِ، وَتَمَرُّدِهِ، وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَمُكَابَرَتِهِ الْحَقَّ الْوَاضِحَ الْجَلِيَّ الْحِسِّيَّ وَالْمَعْنَوِيَّ، وَالْبُرْهَانَ الْقَطْعِيَّ، فَقَالَ: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ} [يونس: ٨٨] يَعْنِي: قَوْمَهُ مِنَ الْقِبْطِ، وَمَنْ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِ، وَدَانَ بِدِينِهِ {زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} [يونس: ٨٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute