للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ; وَهَذَا يَغْتَرُّ بِهِ مَنْ يُعَظِّمُ أَمْرَ الدُّنْيَا، فَيَحْسَبُ الْجَاهِلُ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ; لِكَوْنِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ، وَهَذِهِ الزِّينَةِ; مِنَ اللِّبَاسِ، وَالْمَرَاكِبِ الْحَسَنَةِ الْهَنِيَّةِ، وَالدُّورِ الْأَنِيقَةِ، وَالْقُصُورِ الْمَبْنِيَّةِ، وَالْمَآكِلِ الشَّهِيَّةِ، وَالْمَنَاظِرِ الْبَهِيَّةِ، وَالْمُلْكِ الْعَزِيزِ، وَالتَّمْكِينِ، وَالْجَاهِ الْعَرِيضِ، فِي الدُّنْيَا لَا الدِّينِ، {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} [يونس: ٨٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ. أَيْ; أَهْلِكْهَا. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالضَّحَّاكُ: اجْعَلْهَا حِجَارَةً مَنْقُوشَةً كَهَيْئَةِ مَا كَانَتْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ زُرُوعَهُمْ صَارَتْ حِجَارَةً. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: جَعَلَ سُكَّرَهُمْ حِجَارَةً. وَقَالَ أَيْضًا: صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ كُلُّهَا حِجَارَةً. ذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِغُلَامٍ لَهُ: ائْتِنِي بِكِيسٍ. فَجَاءَهُ بِكِيسٍ، فَإِذَا فِيهِ. . . . وَبَيْضٌ قَدْ قُطِّعَ، قَدْ حُوِّلَ حِجَارَةً. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَوْلُهُ: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٨٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيِ; اطْبَعْ عَلَيْهَا. وَهَذِهِ دَعْوَةُ غَضَبٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِدِينِهِ، وَلِبَرَاهِينِهِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا، وَحَقَّقَهَا وَتَقَبَّلَهَا; كَمَا اسْتَجَابَ لِنُوحٍ فِي قَوْمِهِ، حَيْثُ قَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا - إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٦ - ٢٧] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى، مُخَاطِبًا لِمُوسَى حِينَ دَعَا عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ، وَأَمَّنَ أَخُوهُ هَارُونُ عَلَى دُعَائِهِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الدَّاعِي أَيْضًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>