للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا الِاسْتِعَانَةِ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الضُّرِّ، وَالشِّدَّةِ، وَالضِّيقِ، بِكَثْرَةِ الصَّلَاةِ; كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [الْبَقَرَةِ: ٤٥]. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حِينَئِذٍ يَقْدِرُونَ عَلَى إِظْهَارِ عِبَادَتِهِمْ فِي مُجْتَمَعَاتِهِمْ، وَمَعَابِدِهِمْ، فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتِهِمْ، عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُمْ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ الدِّينِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، الَّذِي اقْتَضَى حَالُهُمْ إِخْفَاءَهُ; خَوْفًا مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ. وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَقْوَى; لِقَوْلِهِ: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي الثَّانِيَ أَيْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أَيْ; مُتَقَابِلَةً.

وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [يُونُسَ ٨٨ - ٨٩]. هَذِهِ دَعْوَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعَا بِهَا كَلِيمُ اللَّهِ مُوسَى، عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ فِرْعَوْنَ; غَضَبًا لِلَّهِ عَلَيْهِ، لِتَكَبُّرِهِ عَنِ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَصَدِّهِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَمُعَانَدَتِهِ، وَعُتُوِّهِ، وَتَمَرُّدِهِ، وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَمُكَابَرَتِهِ الْحَقَّ الْوَاضِحَ الْجَلِيَّ الْحِسِّيَّ وَالْمَعْنَوِيَّ، وَالْبُرْهَانَ الْقَطْعِيَّ، فَقَالَ: رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ يَعْنِي: قَوْمَهُ مِنَ الْقِبْطِ، وَمَنْ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِ، وَدَانَ بِدِينِهِ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>