حَتَّى قِيلَ: كَانَ فِي خُيُولِهِ مِائَةُ أَلْفِ فَحْلٍ أَدْهَمَ. وَكَانَتْ عِدَّةُ جُنُودِهِ تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ أَلْفٍ، وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ غَيْرَ الذُّرِّيَّةِ، وَكَانَ بَيْنَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ صُحْبَةَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَدُخُولِهِمْ إِلَيْهَا صُحْبَةَ أَبِيهِمْ إِسْرَائِيلَ، أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً شَمْسِيَّةً.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَحِقَهُمْ بِالْجُنُودِ، فَأَدْرَكَهُمْ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَتَرَاءَى الْجَمْعَانِ، وَلَمْ يَبْقَ ثَمَّ رَيْبٌ، وَلَا لَبْسٌ، وَعَايَنَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَاحِبَهُ، وَتَحَقَّقَهُ وَرَآهُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُقَاتَلَةُ، وَالْمُجَاوَلَةُ، وَالْمُحَامَاةُ، فَعِنْدَهَا قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى، وَهُمْ خَائِفُونَ: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: ٦١] وَذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اضْطُرُّوا فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى الْبَحْرِ، فَلَيْسَ لَهُمْ طَرِيقٌ وَلَا مَحِيدٌ إِلَّا سُلُوكُهُ وَخَوْضُهُ، وَهَذَا مَا لَا يَسْتَطِيعُهُ أَحَدٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَالْجِبَالُ عَنْ يَسْرَتِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَهِيَ شَاهِقَةٌ مُنِيفَةٌ، وَفِرْعَوْنُ قَدْ غَالَقَهُمْ وَوَاجَهَهُمْ، وَعَايَنُوهُ فِي جُنُودِهِ وَجُيُوشِهِ وَعَدَدِهِ وَعُدَدِهِ، وَهُمْ مِنْهُ فِي غَايَةِ الْخَوْفِ وَالذُّعْرِ، لِمَا قَاسَوْا فِي سُلْطَانِهِ مِنَ الْإِهَانَةِ وَالنُّكْرِ، فَشَكَوْا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ مَا هُمْ فِيهِ، مِمَّا قَدْ شَاهَدُوهُ وَعَايَنُوهُ، فَقَالَ لَهُمُ الرَّسُولُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: ٦٢] وَكَانَ فِي السَّاقَةِ، فَتَقَدَّمَ إِلَى الْمُقَدِّمَةِ، وَنَظَرَ إِلَى الْبَحْرِ، وَهُوَ يَتَلَاطَمُ بِأَمْوَاجِهِ، وَيَتَزَايَدُ زَبَدُ أُجَاجِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: هَاهُنَا أُمِرْتُ. وَمَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ; وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٌ مِنْ سَادَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَعُلَمَائِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute