للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُبَّادِهِمُ الْكِبَارِ، وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَهُ نَبِيًّا بَعْدَ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَعَهُمْ أَيْضًا مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَهُمْ وُقُوفٌ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ بِكَمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ عُكُوفٌ. وَيُقَالُ: إِنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ جَعَلَ يَقْتَحِمُ بِفَرَسِهِ مِرَارًا فِي الْبَحْرِ، هَلْ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ؟ فَلَا يُمْكِنُ، وَيَقُولُ لِمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَهَاهُنَا أُمِرْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَلَمَّا تَفَاقَمَ الْأَمْرُ، وَضَاقَ الْحَالُ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، وَاقْتَرَبَ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ فِي جِدِّهِمْ، وَحَدِّهِمْ وَحَدِيدِهِمْ، وَغَضَبِهِمْ، وَحَنَقِهِمْ، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَوْحَى الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ، رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ إِلَى مُوسَى الْكَلِيمِ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء: ٦٣] فَلَمَّا ضَرَبَهُ، يُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: انْفَلِقْ بِإِذْنِ اللَّهِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَنَّاهُ بِأَبِي خَالِدٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: ٦٣] وَيُقَالُ: إِنَّهُ انْفَلَقَ اثْنَيْ عَشْرَةَ طَرِيقًا، لِكُلِّ سِبْطٍ طَرِيقٌ يَسِيرُونَ فِيهِ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ صَارَ أَيْضًا شَبَابِيكَ; لِيَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَفِي هَذَا نَظَرٌ; لِأَنَّ الْمَاءَ جِرْمٌ شَفَّافٌ، إِذَا كَانَ مِنْ وَرَائِهِ ضِيَاءٌ حَكَاهُ. وَهَكَذَا كَانَ مَاءُ الْبَحْرِ قَائِمًا مِثْلَ الْجِبَالِ مَكْفُوفًا بِالْقُدْرَةِ الْعَظِيمَةِ الصَّادِرَةِ عَنِ الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ. فَيَكُونُ. وَأَمَرَ اللَّهُ رِيحَ الدَّبُورِ فَلَفَحَتْ حَالَ الْبَحْرِ، فَأَذْهَبَتْهُ حَتَّى صَارَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ فِي سَنَابِكِ الْخُيُولِ وَالدَّوَابِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>