وَمَا صَنَعَتْ بِهِ، وَأَنَّهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مُطَرِّفُ بْنُ نَهْشَلٍ، فَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُطَرِّفٍ: «انْظُرِ امْرَأَةَ هَذَا، مُعَاذَةَ، فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ ".» فَأَتَاهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا مُعَاذَةُ، هَذَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيكِ، فَأَنَا دَافِعُكِ إِلَيْهِ. فَقَالَتْ: خُذْ لِي عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ أَنْ لَا يُعَاقِبَنِي فِيمَا صَنَعْتُ. فَأَخَذَ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهَا مُطَرِّفٌ إِلَيْهِ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
لَعَمْرُكَ مَا حُبِّي مُعَاذَةَ بِالَّذِي ... يُغَيِّرُهُ الْوَاشِي وَلَا قِدَمُ الْعَهْدِ
وَلَا سُوءُ مَا جَاءَتْ بِهِ إِذْ أَزَالَهَا ... غُوَاةُ الرِّجَالِ إِذْ يُنَاجُونَهَا بَعْدِي
[قُدُومُ صُرَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ ثُمَّ وُفُودِ أَهِلِ جُرَشَ بَعْدَهُمْ]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِمَ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدٍ مِنَ الْأَزْدِ، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُجَاهِدَ بِمَنْ أَسْلَمَ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ، فَذَهَبَ فَحَاصَرَ جُرَشَ وَبِهَا قَبَائِلُ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ ضَوَتْ إِلَيْهِمْ خَثْعَمُ حِينَ سَمِعُوا بِمَسِيرِهِ إِلَيْهِمْ، فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، فَامْتَنَعُوا فِيهَا مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: شَكَرُ. فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ وَلَّى عَنْهُمْ مُنْهَزِمًا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ، فَعَطَفَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ قَتْلًا شَدِيدًا، وَقَدْ كَانَ أَهْلُ جُرَشَ بَعَثُوا مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذْ قَالَ: «بِأَيِّ بِلَادِ اللَّهِ شَكَرُ؟ " فَقَامَ الْجُرَشِيَّانِ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِبِلَادِنَا جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ: كَشَرُ، وَكَذَلِكَ يُسَمِّيهِ أَهْلُ جُرَشَ. فَقَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ بِكَشَرَ، وَلَكِنَّهُ شَكَرُ ". قَالَا: فَمَا شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: " إِنَّ بُدْنَ اللَّهِ لَتُنْحَرُ عِنْدَهُ الْآنَ ". قَالَ: فَجَلَسَ الرَّجُلَانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، أَوْ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُمَا: وَيْحَكُمَا! إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ لَيَنْعَى لَكُمَا قَوْمَكُمَا، فَقُومَا إِلَيْهِ، فَاسْأَلَاهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فَيَرْفَعَ عَنْ قَوْمِكُمَا. فَقَامَا إِلَيْهِ فَسَأَلَاهُ ذَلِكَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنْهُمْ ". فَرَجَعَا، فَوَجَدَا قَوْمَهُمَا قَدْ أُصِيبُوا يَوْمَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،» ثُمَّ جَاءَ وَفْدُ أَهْلِ جُرَشَ بِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمُوا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ، وَحَمَى لَهُمْ حَوْلَ قَرْيَتِهِمْ.
[قُدُومُ رَسُولِ مُلُوكِ حِمْيَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَرَ وَرُسُلُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute