للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِرَاقِ، نَعَمْ، وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ. وَآخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ ثَابِتٌ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. فَقَدْ كَانَتْ فَاطِمَةُ صَابِرَةً مَعَ عَلِيٍّ عَلَى جَهْدِ الْعَيْشِ وَضِيقِهِ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي وَقْتٍ بِدُرَّةَ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ، فَأَنِفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، وَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: «إِنِّي لَا أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تُفْتَنَ عَنْ دِينِهَا، وَلَكِنْ إِنْ أَحَبَّ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَتَزَوَّجَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ نَبِيِّ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ تَحْتَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا» . قَالَ: فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ. وَلَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَتْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الْمِيرَاثَ، فَأَخْبَرَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» . فَسَأَلَتْ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا نَاظِرًا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَةِ، فَأَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: إِنِّي أَعُولُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُولُ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ أَنَّ أَضِلَّ، وَوَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. فَكَأَنَّهَا وَجَدَتْ فِي نَفْسِهَا مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ تَزَلْ مُغْضَبَةً مُدَّةَ حَيَّاتِهَا، فَلَمَّا مَرِضَتْ جَاءَهَا الصِّدِّيقُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَجَعَلَ يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكَتُ الدَّارَ وَالْمَالَ وَالْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ، إِلَّا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَمَرْضَاةِ رَسُولِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>