[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ]
فِيهَا أَغَارَ إِسْتَرْخَانَ الْخَوَارِزْمِيُّ فِي جَيْشٍ مِنَ الْأَتْرَاكِ عَلَى نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ، فَدَخَلُوا تَفْلِيسَ، وَقَتَلُوا خَلْقًا، وَأَسَرُوا كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوَنْدِيُّ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحَرْبِيَّةُ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ فِي أَلْفَيْنِ لِمُقَابَلَةِ الْخَوَارِجِ، فَسَيَّرَهُ الْمَنْصُورُ لِمُسَاعِدَةِ الْمُسْلِمِينَ بِبِلَادِ أَرْمِينِيَّةَ، فَكَانَ فِي جَيْشِ جَبْرَئِيلَ بْنِ يَحْيَى، فَهُزِمَ جَبْرَئِيلُ، وَقُتِلَ حَرْبٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَهْلِكُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَمِّ الْمَنْصُورِ، الَّذِي أَخَذَ الشَّامَ، مِنْ أَيْدِي بَنِي أُمَيَّةَ، ثُمَّ كَانَ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ السَّفَّاحُ، فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ أَبَا مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيَّ، فَهَزَمَهُ، وَهَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى عِنْدِ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ بِالْبَصْرَةِ، فَاخْتَفَى عِنْدَهُ مُدَّةً، ثُمَّ ظَهَرَ الْمَنْصُورُ عَلَى أَمْرِهِ، فَاسْتَدْعَاهُ وَسَجَنَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَمَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْحَجِّ، فَطَلَبَ ابْنَ عَمِّهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى - وَكَانَ وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ الْمَنْصُورِ عَنْ وَصِيَّةِ السَّفَّاحِ - وَسَلَّمَ إِلَيْهِ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا عَدُوِّي وَعَدُوُّكَ، فَاقْتُلْهُ فِي غَيْبَتِي عَنْكَ وَلَا تَتَوَانَ. وَسَارَ الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَجِّ، وَجَعَلَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّرِيقِ يَسْتَحِثُّهُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُ لَهُ: مَاذَا صَنَعْتَ فِيمَا أَوْعَزْتُ إِلَيْكَ فِيهِ؟ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute