للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَلَدِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ رَمَتْهُمُ الْأَتْرَاكُ بِالنِّبَالِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ فَوْقَ الْمِائَةِ، فَفَرُّوا رَاجِعِينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ وَالِي الْوُلَاةِ نَحَّوْا مِنْ سِتِّينَ رَجُلًا، وَأَمَرَ بِقَطْعِ رُءُوسِ الْقَتْلَى وَتَعْلِيقِهَا فِي أَعْنَاقِ هَؤُلَاءِ الْأَسْرَى، وَنُهِبَتْ بُيُوتُ الْفَلَّاحِينَ كُلُّهَا، وَسُلِّمَتْ إِلَى مَمَالِيكِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ; لَمْ يَفْقِدْ مِنْهَا مَا يُسَاوِي ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَكَرَّ رَاجِعًا إِلَى بُصْرَى، وَشُيُوخُ الْعَشِيرَاتِ مَعَهُ، فَأَخْبَرَنِي الْأَمِيرُ صَلَاحُ الدِّينِ بْنُ خَاصَ تُرْكَ - وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أُمَرَاءِ الطَّبْلَخَانَاهْ الَّذِينَ قَاتَلُوهُمْ - بِمَبْسُوطِ مَا يَخُصُّهُ، وَأَنَّهُ كَانَ إِذَا أَعْيَا بَعْضُ أُولَئِكَ الْأَسْرَى مِنَ الْجَرْحَى أَمَرَ الْمَشَاعِلِيَّ بِذَبْحِهِ وَتَعْلِيقِ رَأْسِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَسْرَى، وَفَعَلَ هَذَا بِهِمْ غَيْرَ مَرَّةٍ حَتَّى إِنَّهُ قَطَعَ رَأْسَ شَابٍّ مِنْهُمْ، وَعَلَّقَ رَأَّسَهُ عَلَى أَبِيهِ; شَيْخٍ كَبِيرٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، حَتَّى قَدِمَ بِهِمْ بُصْرَى فَشَكَلَ طَائِفَةً مِنْ أُولَئِكَ الْمَأْسُورِينَ، وَشَكَلَ آخَرِينَ وَوَسَّطَ الْآخَرِينَ، وَحَبَسَ بَعْضَهُمْ فِي الْقَلْعَةِ، وَعَلَّقَ الرُّءُوسَ عَلَى أَخْشَابٍ نَصَبَهَا حَوْلَ قَلْعَةِ بُصْرَى، فَحَصَلَ بِذَلِكَ تَنْكِيلٌ شَدِيدٌ لَمْ يَقَعْ مِثْلُهُ فِي هَذَا الْأَوَانِ بِأَهْلِ حَوْرَانَ، وَهَذَا كُلُّهُ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: ١٢٩] . فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

[دُخُولُ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ أَسَنْدَمُرَ الْيَحْيَاوِيِّ]

فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ حَادِيَ عَشَرَ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ دُخُولُ الْأَمِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>