لَمْ يَطْرُقْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ التَّتَارَ عَرَجُوا عَنْ دِمَشْقَ إِلَى نَاحِيَةِ الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِالْبَلَدِ، بَلْ قَالُوا: إِنْ غَلَبْنَا فَالْبَلَدُ لَنَا، وَإِنْ غَلَبْنَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ. وَنُودِيَ فِي الْبَلَدِ بِتَطْيِيبِ الْخَوَاطِرِ، وَأَنَّ السُّلْطَانَ قَدْ وَصَلَ، فَاطْمَأَنَّ النَّاسُ، وَسَكَنَتْ قُلُوبُهُمْ، وَثَبَتَ الشَّهْرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْقَاضِي تَقِيِّ الدِّينِ الْحَنْبَلِيِّ، فَإِنَّ السَّمَاءَ كَانَتْ مُغَيِّمَةً، فَعُلِّقَتِ الْقَنَادِيلُ، وَصُلِّيَتِ التَّرَاوِيحُ، وَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ وَبَرَكَتِهِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي هَمٍّ شَدِيدٍ، وَخَوْفٍ أَكِيدٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا خَبَرُ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ غُرْلُو الْعَادِلِيُّ، فَاجْتَمَعَ بِنَائِبِ الْقَلْعَةِ، ثُمَّ عَادَ سَرِيعًا وَلَمْ يَدْرِ أَحَدٌ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَوَقَعَ النَّاسُ فِي الْأَرَاجِيفِ وَالْخَوْضِ.
[وَقْعَةُ شَقْحَبٍ]
أَصْبَحَ النَّاسُ يَوْمَ السَّبْتِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَالِ، وَضِيِقِ الْأَمْرِ، فَرَأَوْا مِنَ الْمَآذِنِ سَوَادًا وَغَبَرَةً مِنْ نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ وَالْعَدُوِّ، فَغَلَبَ عَلَى الظُّنُونِ أَنَّ الْوَقْعَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، فَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالدُّعَاءِ فِي الْجَامِعِ وَالْبَلَدِ، وَطَلَعَ النِّسَاءُ وَالصِّغَارُ عَلَى الْأَسْطِحَةِ، وَكَشَفُوا رُءُوسَهُمْ، وَضَجَّ الْبَلَدُ ضَجَّةً عَظِيمَةً، وَوَقَعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَطَرٌ عَظِيمٌ غَزِيرٌ، ثُمَّ سَكَنَ النَّاسُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الظُّهْرِ، قُرِئَتْ بِطَاقَةٌ بِالْجَامِعِ تَتَضَمَّنُ: أَنَّ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ نَهَارِ السَّبْتِ هَذَا اجْتَمَعَتِ الْجُيُوشُ الشَّامِيَّةُ وَالْمِصْرِيَّةُ مَعَ السُّلْطَانِ فِي مَرْجِ الصُّفَّرِ، وَفِيهَا طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنَ النَّاسِ، وَالْأَمْرُ بِحِفْظِ الْقَلْعَةِ، وَالتَّحَرُّزِ عَلَى الْأَسْوَارِ، فَدَعَا النَّاسُ فِي الْمَآذِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute