للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى سَعْدٍ فِي غَنَمٍ لَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: يَا أَبَهْ، أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي غَنَمِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ بِالْمَدِينَةِ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ صَدْرَ عُمَرَ وَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ ".

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ جَاءَهُ ابْنُهُ عَامِرٌ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَفِي الْفِتْنَةِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَكُونَ رَأْسًا؟ لَا وَاللَّهِ حَتَّى أُعْطَى سَيْفًا إِنْ ضَرَبْتُ بِهِ مُؤْمِنًا نَبَا عَنْهُ، وَإِنْ ضَرَبْتُ بِهِ كَافِرًا قَتَلْتُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ التَّقِيَّ»

وَهَذا السِّيَاقُ كَأَنَّهُ عَكْسُ الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ اسْتَعَانَ بِأَخِيهِ عَامِرٍ عَلَى أَبِيهِ، لِيُشِيرَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ التَّحْكِيمِ لَعَلَّهُمْ يَعْدِلُونَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَيُوَلُّونَهُ، فَامْتَنَعَ سَعْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَبَاهُ أَشَدَّ الْإِبَاءِ وَقَنِعَ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكِفَايَةِ وَالْخَفَاءِ، كَمَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>