أَرْبَعِينَ قَرْيَةً، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْبِرِّ وَالصِّلَةِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، وَبَلَغَتْ زَكَاةُ مَالِهِ الصَّامِتِ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ غَيْرَ زَكَاةِ الْعُشُورِ وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ لَيْسَ لِمَلِكٍ مِثْلُهُ، فَطَلَبَهُ مِنْهُ مَلِكُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، - وَاسْمُهُ الْخَضِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - عَارِيَةً لِيَتَنَزَّهَ فِيهِ فَأَبَى عَلَيْهِ، وَقَالَ أُعِيرُهُ إِيَّاهُ لِيَشْرَبَ فِيهِ الْخَمْرَ بَعْدَ مَا كَانَ مَأْوَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالدِّينِ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَحَقَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ إِلَيْهِ لِيَسْتَشِيرَهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ عَلَى الْعَادَةِ، فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ قَبَضَ عَلَيْهِ وَسَجَنَهُ فِي قَلْعَتِهِ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى جَمِيعِ أَمْلَاكِهِ وَحَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: مَا تَحَقَّقْتُ صِحَّةَ نَسَبِي إِلَّا بِهَذِهِ الْمُصَادَرَةِ، فَإِنِّي رُبِّيتُ فِي النَّعِيمِ فَكُنْتُ أَقُولُ: إِنَّ مِثْلِي لَا بُدَّ أَنْ يُبْتَلَى، ثُمَّ مَنَعُوهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ حَتَّى مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَلْعَةِ، فَأَخْرَجُوهُ وَدَفَنُوهُ هُنَاكَ فَقَبْرُهُ يُزَارُ، أَكْرَمَ اللَّهُ مَثْوَاهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالِ بْنِ الْمُحَسِّنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الصَّابِئِ الْمُلَقَّبُ بِغَرْسِ النِّعْمَةِ سَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا عَلِيِّ بْنَ شَاذَانَ، وَكَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ كَثِيرَةٌ وَمَعْرُوفٌ، وَقَدْ ذَيَّلَ عَلَى تَارِيخِ أَبِيهِ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى تَارِيخِ أَبِيهِ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى تَارِيخِ ثَابِتِ بْنِ سِنَانٍ الَّذِي ذَيَّلَهُ عَلَى تَارِيخِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَقَدْ أَنْشَأَ دَارًا بِبَغْدَادَ وَوَقَفَ فِيهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ مُجَلَّدٍ فِي فُنُونٍ مِنَ الْعُلُومِ وَتَرَكَ حِينَ مَاتَ سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَدُفِنَ بِمَشْهَدِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute