للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُوَيْسٌ إِلَى بَغْدَادَ دُخُولًا هَائِلًا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.

وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ قَدِمَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَيْدَمُرُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى الْبَرِيدِ أَمِيرَ مِائَةٍ مُقَدَّمَ أَلْفٍ، وَعَلَى نِيَابَةِ يَلْبُغَا فِي جَمِيعِ دَوَاوِينِهِ بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا، وَعَلَى إِمَارَةِ الْبَحْرِ وَعَمَلِ الْمَرَاكِبِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَمَرَ بِجَمْعِ جَمِيعِ النَّشَّارِينَ، وَالنَّجَّارِينَ، وَالْحَدَّادِينَ، وَتَجْهِيزِهِمْ لِبَيْرُوتَ لِقَطْعِ الْأَخْشَابِ، فَسُيِّرُوا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِيَ رَمَضَانَ، وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى اللَّحَاقِ بِهِمْ إِلَى هُنَالِكَ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ، ثُمَّ أُتْبِعُوا بِآخَرِينَ مِنْ نَجَّارِينَ، وَحَدَّادِينَ، وَعَتَّالِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَعَلُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوهُ مِنْ رُكَّابِ الْحَمِيرِ يُنْزِلُونَهُ وَيَرْكَبُوا إِلَى نَاحِيَةِ الْبِقَاعِ، وَسَخَّرُوا لَهُمْ مِنَ الصُّنَّاعِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَرَتْ خُطْبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَتَبَاكَى عَوَائِلُهُمْ وَأَطْفَالُهُمْ، وَلَمْ يُسْلَفُوا شَيْئًا مِنْ أُجُورِهِمْ، وَكَانَ مِنَ اللَّائِقِ أَنْ يُسْلَفُوهُ حَتَّى يَتْرُكُوهُ إِلَى أَوْلَادِهِمْ.

وَخَطَبَ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنَفِيُّ بِجَامِعِ يَلْبُغَا عِوَضًا عَنْ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفِ الدِّينِ الْكَفْرِيِّ، بِمَرْسُومٍ شَرِيفٍ وَمَرْسُومِ نَائِبِ صَفَدَ أَسَنْدَمُرَ أَخِي يَلْبُغَا، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى جَدِّهِ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الرَّابِعَ مِنْ رَمَضَانَ، هَذَا وَحَضَرَ عِنْدَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ.

وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ قُرِئَ تَقْلِيدُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفِ الدِّينِ ابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ لِقَضَاءِ الْحَنَابِلَةِ، عِوَضًا عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالِ الدِّينِ الْمَرْدَاوِيِّ، عُزِلَ هُوَ وَالْمَالِكِيُّ مَعَهُ أَيْضًا; بِسَبَبِ أُمُورٍ تَقَدَّمَ نِسْبَتُهَا لَهُمَا، وَقُرِئَ التَّقْلِيدُ بِمِحْرَابِ الْحَنَابِلَةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْحَنَفِيُّ، وَكَانَ الْمَالِكِيُّ مُعْتَكِفًا بِالْقَاعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>