للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا قَدِمَ الرَّشِيدُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَمَعَهُ الرُّومُ يَحْمِلُونَ الْجِزْيَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ.

وَفِيهَا أَخَذَ الْمَهْدِيُّ الْبَيْعَةَ لِوَلَدِهِ هَارُونَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى الْهَادِي، وَلَقَّبَ هَارُونَ بِالرَّشِيدِ.

وَفِيهَا سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ، وَكَانَ قَدْ حَظِيَ عِنْدَهُ حَتَّى اسْتَوْزَرَهُ، وَارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ فِي الْوِزَارَةِ حَتَّى فُوِّضَ إِلَيْهِ جَمِيعُ أَمْرِ الْخِلَافَةِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ:

بَنِي أُمَيَّةَ هُبُّوا طَالَ نَوْمُكُمُ … إِنَّ الْخَلِيفَةَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ

ضَاعَتْ خِلَافَتُكُمْ يَا قَوْمُ فَاطَّلِبُوا … خَلِيفَةَ اللَّهِ بَيْنَ الدُّفِّ وَالْعُودِ

فَلَمْ تَزَلِ السُّعَاةُ وَالْوُشَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ عَلَيْهِ، وَكُلَّمَا سَعَوْا بِهِ إِلَيْهِ، دَخَلَ إِلَيْهِ فَأَصْلَحَ أَمْرَهُ عِنْدَهُ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ أَمْرِهِ مَا سَأَذْكُرُهُ; وَهُوَ أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي مَجْلِسٍ عَظِيمٍ قَدْ فُرِشَ بِأَنْوَاعِ الْفُرُشِ وَأَلْوَانِ الْحَرِيرِ، وَحَوْلَ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَشْجَارٌ مُزْهِرَةٌ بِأَنْوَاعِ الْأَزَاهِيرِ، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>