للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْهِ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ قَالَ فِيهِ: «. مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ ; هُودٌ، وَصَالِحٌ، وَشُعَيْبٌ، وَنَبِيُّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ» . وَيُقَالُ: إِنَّ هُودًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ. وَزَعَمَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَنَّ أَبَاهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَا نُوحٌ. وَقِيلَ آدَمُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُقَالُ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ. وَهُمْ قَبَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهُمْ ; عَادٌ، وَثَمُودُ، وَجُرْهُمُ، وَطَسْمٌ، وَجَدِيسُ، وَأَمِيمُ، وَمَدْيَنُ، وَعِمْلَاقُ، وَعَبِيلٌ، وَجَاسِمٌ، وَقَحْطَانُ، وَبَنُو يَقْطُنَ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا الْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ فَهُمْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ الْفَصِيحَةِ الْبَلِيغَةِ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ كَلَامَ الْعَرَبِ مِنْ جُرْهُمَ الَّذِينَ نَزَلُوا عِنْدَ أُمِّهِ هَاجَرَ بِالْحَرَمِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنْ أَنْطَقَهُ اللَّهُ بِهَا فِي غَايَةِ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَتَلَفَّظُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَادًا وَهُمْ عَادٌ الْأُولَى كَانُوا أَوَّلَ مَنْ عَبَدَ الْأَصْنَامَ بَعْدَ الطُّوفَانِ، وَكَانَ أَصْنَامُهُمْ ثَلَاثَةً، صَدٌّ، وَصُمُودٌ، وَهِرَا. فَبَعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ أَخَاهُمْ هُودًا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ قَوْمِ نُوحٍ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: ٦٥]

[الْأَعْرَافِ: ٦٥ - ٧٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>