للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ أَيْ لَبِطَرِيقٍ مَهْيَعٍ مَسْلُوكٍ إِلَى الْآنَ، كَمَا قَالَ: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [الصَّافَّاتِ: ١٣٧ - ١٣٨]. وَقَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الْعَنْكَبُوتِ: ٣٥]. وَقَالَ تَعَالَى: فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [الذَّارِيَاتِ: ٣٥ - ٣٧]. أَيْ تَرَكْنَاهَا عِبْرَةً وَعِظَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ، وَخَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَانْزَجَرَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَتَرَكَ مَعَاصِيَهُ وَخَافَ أَنْ يُشَابِهَ قَوْمَ لُوطٍ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَمِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ؛ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ.

فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا قَوْمَ لُوطٍ بِعَيْنِهِمْ … فَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدِ

فَالْعَاقِلُ اللَّبِيبُ الْخَائِفُ مِنْ رَبِّهِ الْفَاهِمُ يَمْتَثِلُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ﷿، وَيَقْبَلُ مَا أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ إِتْيَانِ مَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الزَّوْجَاتِ الْحَلَالِ، وَالْجَوَارِي مِنَ السَّرَارِيِّ ذَوَاتِ الْجَمَالِ، وَإِيَّاهُ أَنْ يَتَّبِعَ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ فَيَحِقَّ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ، وَيَدْخُلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [هُودٍ: ٨٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>