وَاحِدٍ: هُوَ أَعْدَلُهُمْ وَخَيْرُهُمْ. أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قِيلَ: تَسْتَثْنُونَ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَقِيلَ: تَقُولُونَ خَيْرًا بَدَلَ مَا قُلْتُمْ مِنَ الشَّرِّ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ فَنَدِمُوا حَيْثُ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ، وَاعْتَرَفُوا بِالذَّنْبِ بَعْدَ الْعُقُوبَةِ، وَذَلِكَ حَيْثُ لَا يَنْجَعُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا إِخْوَةً وَقَدْ وَرِثُوا هَذِهِ الْجَنَّةَ عَنْ أَبِيهِمْ، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ مِنْهَا كَثِيرًا، فَلَمَّا صَارَ أَمْرُهَا إِلَيْهِمُ اسْتَهْجَنُوا أَمْرَ أَبِيهِمْ، وَأَرَادُوا اسْتِغْلَالَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطُوا الْفُقَرَاءَ شَيْئًا، فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ; وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالصَّدَقَةِ مِنَ الثِّمَارِ وَحَثَّ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ الْجَدَادِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الْأَنْعَامِ: ١٤١]. ثُمَّ قِيلَ: كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: ضِرْوَانُ. وَقِيلَ: مِنْ أَهْلِ الْحَبَشَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَلِكَ الْعَذَابُ أَيْ: هَكَذَا نُعَذِّبُ مَنْ خَالَفَ أَمْرَنَا، وَلَمْ يَعْطِفْ عَلَى الْمَحَاوِيجِ مِنْ خَلْقِنَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ أَيْ: أَعْظَمُ وَأَطَمُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.
وَقِصَّةُ هَؤُلَاءِ شَبِيهَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ [النَّحْلِ: ١١٢، ١١٣].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute