[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
فَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ - أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ وَالِدُ مَرْوَانَ الْحِمَارِ - صَائِفَةَ الرُّومِ حِينَ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ مَرْعَشٍ، وَفِيهَا وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ نِيَابَةَ الْمَدِينَةِ لِيَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَهُوَ عَمُّهُ، وَعَزَلَ عَنْهَا الْحَجَّاجَ.
وَفِيهَا وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ نِيَابَةَ الْعِرَاقِ ; الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقَالِيمِ الْكِبَارِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ، فَرَأَى عَبْدَ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا يَسُدُّ عَنْهُ أَهْلَ الْعِرَاقِ غَيْرُ الْحَجَّاجِ ; لِسَطْوَتِهِ وَقَهْرِهِ وَقَسْوَتِهِ وَشَهَامَتِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ بِوِلَايَةِ الْعِرَاقِ، فَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْعِرَاقِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا عَلَى النَّجَائِبِ، فَنَزَلَ قَرِيبَ الْكُوفَةِ فَاغْتَسَلَ وَاخْتَضَبَ، وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، وَتَقَلَّدَ سَيْفَهُ، وَأَلْقَى عَذَبَةَ الْعِمَامَةَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ دَارَ الْإِمَارَةِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَقَدْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَأَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ طَوِيلًا، وَقَدْ شَخَصُوا إِلَيْهِ بِأَبْصَارِهِمْ، وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، وَتَنَاوَلُوا الْحَصَى لِيَقْذِفُوهُ بِهَا، وَقَدْ كَانُوا حَصَبُوا الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا سَكَتَ أَبْهَتَهُمْ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا كَلَامَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute