[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى الْعَسَاكِرِ الْحَلَبِيَّةِ وَالْجَزَرِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ مِنْ مِصْرَ وَمَعَهُ الْقَاضِي الْفَاضِلُ، وَجَاءَ مِنْ حَلَبَ أَبُو بَكْرٍ الْعَادِلُ، وَقَدِمَتْ مُلُوكُ الْجَزِيرَةِ وَسِنْجَارَ وَتِلْكَ النَّوَاحِي وَالْأَقْطَارِ، وَأَخَذَهَا كُلَّهَا مَعَ جَيْشِهِ، فَسَارَ بِهَا إِلَى الْكَرَكَ فَأَحْدَقُوا بِهَا فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى، وَرَكَّبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَكَانَتْ تِسْعَةً، وَأَخَذَ فِي حِصَارِهَا ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ فَتْحَهَا الْآنَ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى الْحَجِيجِ وَالتُّجَّارِ فِي الْبَرَارِي وَالْبِحَارِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَلَغَهُ أَنَّ الْفِرِنْجَ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ كُلُّهُمْ فَارِسُهُمْ وَرَاجِلُهُمْ ; لِيَمْنَعُوا مِنْهُ الْكَرَكَ فَانْشَمَرَ عَنْهَا وَقَصَدَهُمْ، فَنَزَلَ عَلَى حُسْبَانَ تُجَاهَهُمْ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مَاءِ عَيْنٍ، فَانْهَزَمَتِ الْفِرِنْجُ قَاصِدِينَ الْكَرَكَ فَأَرْسَلَ وَرَاءَهُمْ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَأَمَرَ السُّلْطَانُ الْجُيُوشَ بِالْإِغَارَةِ عَلَى السَّوَاحِلِ ; لِخُلُوِّهَا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، فَنَهَبَتْ نَابُلُسَ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقَرَايَا وَالرَّسَاتِيقِ، ثُمَّ عَادَ السُّلْطَانُ إِلَى دِمَشْقَ فَأَذِنَ لِلْعَسَاكِرِ فِي الِانْصِرَافِ إِلَى بُلْدَانِهِمُ الشَّتَّى، وَأَمَرَ ابْنَ أَخِيهِ تَقِيَّ الدِّينِ عُمَرَ الْمَلِكَ الْمُظَفَّرَ أَنْ يَعُودَ إِلَى مِصْرَ بِعَسْكَرِهِ، وَكَذَلِكَ أَخَاهُ الْعَادِلَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الشَّهْبَاءِ، وَأَقَامَ السُّلْطَانُ بِدِمَشْقَ ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute