ﷺ خَيْرُ النَّاسِ، وَهُوَ جَدُّنَا، وَجَدَّتُنَا خَدِيجَةُ، وَهِيَ أَفْضَلُ زَوْجَاتِهِ، وَفَاطِمَةُ أُمُّنَا، وَهِيَ أَكْرَمُ بَنَاتِهِ، وَإِنَّ هَاشِمًا وَلَدَ عَلِيًّا مَرَّتَيْنِ، وَإِنَّ حَسَنًا وَلَدَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ وَأَخُوهُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَلَدَنِي مَرَّتَيْنِ، فَإِنِّي أَوْسَطُ بَنِي هَاشِمٍ نَسَبًا، وَأَصْرَحُهُمْ نَسَبًا، فَأَنَا ابْنُ أَرْفَعِ النَّاسِ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ، وَأَخَفِّهِمْ عَذَابًا فِي النَّارِ، فَأَنَا أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْكَ، وَأَوْفَى بِالْعَهْدِ، فَإِنَّكَ أَعْطَيْتَ ابْنَ هُبَيْرَةَ الْعَهْدَ وَنَكَثْتَهُ، وَكَذَلِكَ بِعَمِّكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، وَبِأَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ جَوَابَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ طَوِيلٍ، حَاصِلُهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي كَلَامُكَ، وَقَرَأْتُ كِتَابَكَ، فَإِذَا جَلَّ فَخْرُكَ بِقَرَابَةِ النِّسَاءِ لِتُضِلَّ بِهِ الْجُفَاةَ وَالْغَوْغَاءَ، وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ النِّسَاءَ كَالْعُمُومَةِ وَالْآبَاءِ، وَلَا كَالْعَصْبَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشُّعَرَاءِ: ٢١٤]. وَكَانَ لَهُ حِينَئِذٍ أَرْبَعَةُ أَعْمَامٍ، فَاسْتَجَابَ لَهُ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا أَبِي وَكَفَرَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا أَبُوكَ فَقَطَعَ اللَّهُ وِلَايَتَهُمَا مِنْهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ، ﷿، فِي عَدَمِ إِسْلَامِ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [سُورَةِ الْقَصَصِ: ٥٦]. وَقَدْ فَخَرْتَ بِهِ; لِأَنَّهُ أَخَفُّ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا، وَلَيْسَ فِي الشَّرِّ خِيَارٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ الْفَخْرُ بِأَهْلِ النَّارِ، وَفَخَرْتَ بِأَنَّ عَلِيًّا وَلَدَهُ هَاشِمٌ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّ حَسَنًا وَلَدَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَرَّتَيْنِ، فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، إِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute