للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِمَامًا كَبِيرًا جَلِيلًا فِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالْقِرَاءَاتِ، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَمِعَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَغَيْرُهُمْ، وَعَنْهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، وَالْأَصْمَعِيُّ، وَسِيبَوَيْهِ، وَلَزِمَهُ وَعُرِفَ بِهِ وَانْتَفَعَ بِهِ، وَأَخَذَ كِتَابَهُ الَّذِي صَنَّفَهُ وَسَمَّاهُ " الْجَامِعَ " فَزَادَ عَلَيْهِ وَبَسَطَهَ، فَهُوَ " كِتَابُ سِيبَوَيْهِ " الْيَوْمَ، وَكَانَ يَسْأَلُ عَمَّا أَشْكَلَ فِيهِ عَلَيْهِ شَيْخَهُ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ، وَقَدْ سَأَلَ الْخَلِيلُ يَوْمًا سِيبَوَيْهِ عَمَّا صَنَّفَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: جَمَعَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ كِتَابًا، ذَهَبَتْ كُلُّهَا إِلَّا كِتَابَهُ " الْإِكْمَالَ "، وَهُوَ بِأَرْضِ فَارِسَ وَكِتَابَهُ " الْجَامِعَ "، وَهُوَ الَّذِي أَشْتَغِلُ فِيهِ وَأَسْأَلُكَ عَنْ غَوَامِضِهِ. فَأَطْرَقَ الْخَلِيلُ سَاعَةً ثُمَّ أَنْشَدَ:

ذَهَبَ النَّحْوُ جَمِيعًا كُلُّهُ ... غَيْرَ مَا أَحْدَثَ عِيسَى بْنُ عُمَرْ

ذَاكَ إِكْمَالٌ وَهَذَا جَامِعٌ ... وَهُمَا لِلنَّاسِ شَمْسٌ وَقَمَرْ

وَقَدْ كَانَ عِيسَى يُغْرِبُ وَيَتَقَعَّرُ فِي عِبَارَتِهِ جِدًّا، وَقَدْ حَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ سَقَطَ يَوْمًا عَنْ حِمَارِهِ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: مَا لَكُمْ تَكَأْكَأْتُمْ عَلَيَّ تَكَأْكُؤَكُمْ عَلَى ذِي جِنَّةٍ؟! افْرَنْقِعُوا عَنِّي. مَعْنَاهُ: مَا لَكُمْ تَجَمَّعْتُمْ عَلَيَّ تَجَمُّعَكُمْ عَلَى مَجْنُونٍ؟! انْكَشِفُوا عَنِّي.

وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ بِهِ ضِيقُ النَّفَسِ، فَسَقَطَ بِسَبَبِهِ، فَاعْتَقَدَ النَّاسُ أَنَّهُ مَصْرُوعٌ، فَجَعَلُوا يُعَوِّذُونَهُ وَيَقْرَءُونَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ غَشِيَتِهِ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>