الْجَنَّابِيُّ الْقِرْمِطِيُّ - لَعَنَهُمَا اللَّهُ - فَرَجَعَ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَى بُلْدَانِهِمْ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْحَجُّ عَامَهُمْ هَذَا، وَيُقَالُ: إِنَّ بَعْضَهُمْ سَأَلَ مِنْهُ الْأَمَانَ لِيَذْهَبُوا فَأَمَّنَهُمْ. وَقَدْ قَاتَلَهُ جُنْدُ الْخَلِيفَةِ، فَلَمْ يُفِدْ ذَلِكَ فِيهِ شَيْئًا ; لِتَمَرُّدِهِ وَشِدَّةِ بَأْسِ مَنْ مَعَهُ، وَانْزَعَجَ أَهْلُ بَغْدَادَ مِنْ ذَلِكَ وَتَرَحَّلَ أَهْلُ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ خَوْفًا مِنَ الْقَرَامِطَةِ، وَدَخَلَ الْقِرْمِطِيُّ إِلَى الْكُوفَةَ فَأَقَامَ بِهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ يَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَثُرَ الرُّطَبُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِبَغْدَادَ، حَتَّى بِيعَ كُلُّ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ بِحَبَّةٍ، وَعُمِلَ مِنْهُ تَمْرٌ وَحُمِلَ إِلَى الْبَصْرَةِ.
وَعَزَلَ الْمُقْتَدِرُ وَزِيرَهُ الْخَاقَانِيَّ عَنِ الْوِزَارَةِ بَعْدَ سَنَةٍ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيَوْمَيْنِ، وَوَلِيَ مَكَانَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْخَصِيبِ الْخَصِيبِيُّ ; لِأَجْلِ مَالٍ بَذَلَهُ مِنْ جِهَةِ زَوْجَةِ الْمُحَسِّنِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَقَرَّ الْخَصِيبِيُّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى عَلَى الْإِشْرَافِ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ وَبِلَادِ الشَّامِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ يَسِيرُ إِلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَيَعْمَلُ مَا يَنْبَغِي عَمَلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ، شَرَّفَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ
أَبُو الْحَسَنِ الْغَضَائِرِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute