[سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَهَدَ الْمُوَفَّقُ - وَفَّقَهُ اللَّهُ - فِي تَخْرِيبِ سُورِ مَدِينَةِ صَاحِبِ الزَّنْجِ فَخَرَّبَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَتَمَكَّنَ الْجُيُوشُ مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْبَلَدِ، وَلَكِنْ جَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْحَالَةِ سَهْمٌ فِي صَدْرِهِ مِنْ يَدِ رَجُلٍ رُومِيٍّ يُقَالُ لَهُ: قِرْطَاسٌ. فَكَادَ يَقْتُلُهُ، فَاضْطَرَبَ الْحَالُ لِذَلِكَ وَهُوَ يَتَجَلَّدُ وَيَحُضُّ عَلَى الْقِتَالِ مَعَ ذَلِكَ. وَأَقَامَ بِبَلَدِهِ الْمُوَفَّقِيَّةِ أَيَّامًا يَتَدَاوَى، وَاضْطَرَبَتِ الْأَحْوَالُ، وَخَافَ النَّاسُ جِدًّا مِنْ صَاحِبِ الزَّنْجِ، وَأَشَارُوا عَلَى الْمُوَفَّقِ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَادَ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَقَوِيَتْ عِلَّتُهُ ثُمَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَافِيَةِ فِي شَعْبَانَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، فَنَهَضَ مُسْرِعًا إِلَى الْحِصَارِ، فَوَجَدَ الْخَبِيثَ قَدْ رَمَّمَ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ الْمُوَفَّقُ قَدْ خَرَّبَهُ وَهَدَمَهُ، فَأَمَرَ بِتَخْرِيبِهِ وَمَا حَوْلَهُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، ثُمَّ لَازَمَ الْحِصَارَ وَمَا انْفَكَّ حَتَّى فَتَحَ الْمَدِينَةَ الْغَرْبِيَّةَ، وَخَرَّبَ قُصُورَ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَدُورَ أُمَرَائِهِ، وَاسْتَلَبَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَغَنِمَ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ كَثْرَةً، وَأَسَرَ خَلْقًا مِنْ نِسَاءِ الزَّنْجِ، وَاسْتَنْقَذَ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ خَلْقًا كَثِيرًا، فَأَمَرَ بِرَدِّهِمْ إِلَى أَهْلِيهِمْ مُكَرَّمِينَ، وَقَدْ تَحَوَّلَ صَاحِبُ الزَّنْجِ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ وَعَمِلَ الْجُسُورَ وَالْقَنَاطِرَ الْحَائِلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَصُولِ السُّمَيْرِيَّاتِ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ بِتَخْرِيبِهَا وَقَطْعِ الْجُسُورِ، وَاسْتَمَرَّ الْحِصَارُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَمَا بَرِحَ حَتَّى تَسَلَّمَ الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ أَيْضًا وَاسْتَحْوَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute