[وَفَاةُ قَاضِي الْقُضَاةِ عِزِّ الدِّينِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَاتِمٍ الشَّافِعِيِّ]
وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ قَدِمَ كِتَابٌ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِوَفَاةِ قَاضِي الْقُضَاةِ عِزِّ الدِّينِ ابْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمَاعَةَ بِمَكَّةَ - شَرَّفَهَا اللَّهُ - فِي الْعَاشِرِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ فِي بَابِ الْمُعَلَّى، وَذَكَرُوا أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَأَخْبَرَنِي صَاحِبُنَا الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ الرَّحْبِيُّ - حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كَثِيرًا: أَشْتَهِي أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَعْزُولٌ، وَأَنْ تَكُونَ وَفَاتِي بِأَحَدِ الْحَرَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا تَمَنَّاهُ; عَزَلَ نَفْسَهُ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَهَاجَرَ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لِزِيَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِهَا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ، وَبَلَّ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ.
وَقَدْ كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، فَتُوُفِّيَ عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقَدْ نَالَ الْعِزُّ عِزًّا فِي الدُّنْيَا، وَرِفْعَةً هَائِلَةً، وَمَنَاصِبَ، وَتَدَارِيسَ كِبَارًا، ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ، وَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ وَالْمُجَاوَرَةِ بِالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، فَيُقَالُ لَهُ مَا قُلْتُهُ فِي بَعْضِ الْمَرَاثِي:
فَكَأَنْ قَدْ أُعْلِمْتَ بِالْمَوْتِ حَتَّى ... قَدْ تَزَوَّدْتَ مِنْ خِيَارِ الزَّادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute