للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]

[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]

فِيهَا قَبَضَ الْمَلِكُ الْجَوَادُ عَلَى الصَفِيِّ بْنِ مَرْزُوقٍ، وَصَادَرَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَحَبَسَهُ بِقَلْعَةِ حِمْصَ، فَمَكَثَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَرَى الضَّوْءَ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَبْلَ ذَلِكَ يُحْسِنُ إِلَى الْجَوَادِ إِحْسَانًا كَثِيرًا.

وَسَلَّطَ الْجَوَادُ خَادِمًا لِزَوْجَتِهِ يُقَالُ لَهُ: النَّاصِحُ، فَصَادَرَ الدَّمَاشِقَةَ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمَسَكَ الْأَمِيرَ عِمَادَ الدِّينِ بْنَ الشَّيْخِ الَّذِي كَانَ سَبَبَ تَمْلِيكِهِ دِمَشْقَ، ثُمَّ خَافَ مِنْ أَخِيهِ فَخْرِ الدِّينِ بْنِ الشَّيْخِ الَّذِي بِدِيَارِ مِصْرَ، وَقَلِقَ مِنْ مُلْكِ دِمَشْقَ، وَقَالَ: أَيْشِ أَعْمَلُ بِالْمُلْكِ؟ بَازٌ وَكَلْبٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّيْدِ وَكَاتَبَ الصَّالِحَ نَجْمَ الدِّينِ أَيُّوبَ بْنَ الْكَامِلِ، فَتَقَايَضَا مِنْ حِصْنِ كَيْفَا وَسِنْجَارَ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ إِلَى دِمَشْقَ، فَمَلَكَ الصَّالِحُ دِمَشْقَ، وَدَخَلَهَا فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَالْجَوَادُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْغَاشِيَةِ، ثُمَّ حَمَلَهَا الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ حَمَاةَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، ثُمَّ نَزَلَ الْجَوَادُ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدْرِكَ الْفًائِتَ، فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ. وَخَرَجَ مِنْ دِمَشْقَ، وَالنَّاسُ يَلْعَنُونَهُ فِي وَجْهِهِ; بِسَبَبِ مَا أَسْدَاهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُصَادَرَاتِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الصَّالِحُ أَيُّوبُ لِيَرُدَّ إِلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَسَارَ وَبَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>