وَلَمَّا اسْتَقَرَّ الصَّالِحُ فِي مُلْكِ مِصْرَ، كَمَا سَيَأْتِي، حَبَسَ النَّاصِحَ الْخَادِمَ، فَمَاتَ فِي أَسْوَأِ حَالَةٍ، مِنَ الْقِلَّةِ وَالْقَمْلِ، جَزَاءً وِفَاقًا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] .
وَفِيهَا رَكِبَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ مِنْ دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ قَاصِدًا الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِيَأْخُذَهَا مِنْ أَخِيهِ الْعَادِلِ لِصِغَرِهِ، فَنَزَلَ بِنَابُلُسَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِ النَّاصِرِ دَاوُدَ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ فِي صُحْبَتِهِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ جَاءَ إِلَيْهِ إِلَى دِمَشْقَ لِيُبَايِعَهُ، فَجَعَلَ يُسَوِّفُ بِهِ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَيُحَالِفُ الْأُمَرَاءَ بِدِمَشْقَ لِيَكُونَ مَلِكَهُمْ، وَلَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ مِنَ الصَّالِحِ أَيُّوبَ لِجَبَرُوتِهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ، وَانْقَضَتِ السَّنَةُ، وَهُوَ مُقِيمٌ بِنَابُلُسَ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ يُمَاطِلُهُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
جَمَالُ الدِّينِ الْحَصِيرِيُّ الْحَنَفِيُّ، مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ، الْعَلَّامَةُ جَمَالُ الدِّينِ الْحَصِيرِيُّ، شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَمُدَرِّسُ النُّورِيَّةِ، أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: حَصِيرُ، مِنْ مُعَامَلَةِ بُخَارَى. تَفَقَّهَ بِهَا، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَصَارَ إِلَى دِمَشْقَ، فَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْحَنَفِيَّةِ بِهَا، لَاسِيَّمَا فِي أَيَّامِ الْمُعَظَّمِ، كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ " الْجَامِعَ الْكَبِيرَ "، وَلَهُ عَلَيْهِ شَرْحٌ، وَكَانَ يَحْتَرِمُهُ وَيُعَظِّمُهُ وَيُكْرِمُهُ، وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، غَزِيرَ الدَّمْعَةِ، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، عَاقِلًا نَزِهًا عَفِيفًا، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَحَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute