[ذِكْرُ دُخُولِ أَبِي حَمْزَةَ الْخَارِجِيِّ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى ارْتَحَلَ مِنْهَا]
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَقْعَةٌ بِقُدَيْدٍ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ بَيْنَ أَبِي حَمْزَةَ الْخَارِجِيِّ - الَّذِي كَانَ حَكَمَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ - وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَتَلَ الْخَارِجِيُّ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ الْخَارِجِيُّ الْمَدِينَةَ وَهَرَبَ نَائِبُهَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ فَقَتَلَ الْخَارِجِيُّ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا، وَذَلِكَ لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مَنْ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ خَطَبَ الْخَارِجِيُّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ٧٢ عَلَى الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ فَوَبَّخَهُمْ وَأَنَّبَهُمْ، وَكَانَ فِيمَا وَبَّخَهُمْ بِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِكُمْ أَيَّامَ الْأَحْوَلِ - يَعْنِي هِشَامَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ - وَقَدْ أَصَابَتْكُمْ عَاهَةٌ فِي ثِمَارِكُمْ، فَكَتَبْتُمْ إِلَيْهِ تَسْأَلُونَهُ أَنْ يَضَعَ الْخَرْصَ عَنْ ثِمَارِكُمْ، فَوَضَعَهُ عَنْكُمْ، فَزَادَ غَنِيَّكُمْ غِنًى، وَزَادَ فَقِيرَكُمْ فَقْرًا، فَكَتَبْتُمْ إِلَيْهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. فَلَا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ غَيْرِ هَذَا، وَقَدْ أَقَامَ أَبُو حَمْزَةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ; بَقِيَّةَ صَفَرٍ وَشَهْرَيْ رَبِيعٍ وَبَعْضَ جُمَادَى الْأُولَى فِيمَا قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَدْ رَوَى الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ أَبَا حَمْزَةَ رَقِيَ يَوْمًا مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: تَعْلَمُونَ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنَّا لَمْ نَخْرُجْ مِنْ دِيَارِنَا وَأَمْوَالِنَا أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا عَبَثًا، وَلَا لِدَوْلَةِ مُلْكٍ نُرِيدُ أَنْ نَخُوضَ فِيهِ، وَلَا لِثَأْرٍ قَدِيمٍ نِيلَ مِنَّا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute