للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]

[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

فِي صَفَرٍ جَلَسَ الْخَلِيفَةُ جُلُوسًا عَامًّا وَعَلَى رَأْسِهِ حَفِيدُهُ الْأَمِيرُ عُدَّةُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَحَضَرَ الْأُمَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ، فَعَقَدَ الْخَلِيفَةُ بِيَدِهِ لِوَاءَ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَثُرَ الزِّحَامُ يَوْمَهَا حَتَّى هَنَّأَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالسَّلَامَةِ.

[غَرَقُ بَغْدَادَ]

فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ جَاءَ مَطَرٌ عَظِيمٌ وَسَيْلٌ قَوِيٌّ كَثِيرٌ، وَزَادَتْ دِجْلَةُ حَتَّى غَرَّقَتْ جَانِبًا كَبِيرًا مِنْ بَغْدَادَ حَتَّى خَلَصَ ذَلِكَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَخَرَجَ الْجَوَارِي حَاسِرَاتٍ حَتَّى صِرْنَ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ وَهَرَبَ الْخَلِيفَةُ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ، فَحَمَلَهُ بَعْضُ الْخَدَمِ إِلَى التَّاجِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمًا عَظِيمًا وَأَمْرًا هَائِلًا وَهَلَكَ لِلنَّاسِ أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ تَحْتَ الرَّدْمِ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَالْقَرَايَا، وَجَاءَ عَلَى وَجْهِ السَّيْلِ مِنَ الْأَخْشَابِ وَالْوُحُوشِ وَالْحَيَّاتِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا، وَسَقَطَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ فِي الْجَانِبَيْنِ وَغَرِقَتْ قُبُورٌ كَثِيرَةٌ ; مِنْ ذَلِكَ قَبْرُ الْخَيْزُرَانِ، وَمَقْبَرَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَدَخَلَ الْمَاءُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>