للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَبْرِ عُودًا أَنْتَ قَدْ رِشْتَهُ … حَاشَا لِبَانِي الْمَجْدِ أَنْ يَنْقُضَا

إِنْ كَانَ لِي ذَنْبٌ وَلَمْ آتِهِ … فَاسْتَأْنِفِ الْعَفْوَ وَهَبْ لِي الرِّضَا

قَدْ كُنْتُ أَرْجُوكَ لِنَيْلِ الْمُنَى … فَالْيَوْمَ لَا أَطْلُبُ إِلَّا الرِّضَا

وَمِمَّا أَنْشَدُهُ يَوْمَئِذٍ:

شَقِينَا بِالنَّوَى زَمَنًا فَلَمَّا … تَلَاقَيْنَا كَأَنَّا مَا شَقِينَا

سَخِطْنَا عِنْدَمَا جَنَتِ اللَّيَالِي … وَمَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى رَضِينَا

وَمَنْ لَمْ يَحْيَ بَعْدَ الْمَوْتِ يَوْمًا … فَإِنَّا بَعْدَ مَا مِتْنَا حَيِينَا

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَدْعَى الْخَلِيفَةُ النَّاصِرُ قَاضِيَ الْمَوْصِلِ ضِيَاءَ الدِّينِ بْنِ الشَّهْرُزُورِيِّ، فَوَلَّاهُ قَضَاءَ قُضَاةِ بَغْدَادَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِدِمَشْقَ بِسَبَبِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْمَقْدَسِيِّ; وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي مَقْصُورَةِ الْحَنَابِلَةِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، فَذَكَرَ يَوْمًا شَيْئًا مِنَ الْعَقَائِدِ فَاجْتَمَعَ الْقَاضِيمُحْيِي الدِّينِ بْنُ الزَّكِيِّ وَضِيَاءُ الدِّينِ الْخَطِيبُ الدَّوْلَعِيُّ بِالسُّلْطَانِ الْمُعَظَّمِ وَالْأَمِيرُ صَارِمُ الدِّينِ بُزْغُشُ، فَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالنُّزُولِ وَالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ، فَوَافَقَ النَّجْمُ الْحَنْبَلِيُّ بَقِيَّةَ الْفُقَهَاءِ وَاسْتَمَرَّ الْحَافِظُ عَلَى مَا يَقُولُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَاجْتَمَعَ بَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ وَأَلْزَمُوهُ بِإِلْزَامَاتٍ شَنِيعَةٍ لَمْ يَلْتَزِمْهَا، حَتَّى قَالَ لَهُ الْأَمِيرُ بُزْغُشُ: كُلُّ هَؤُلَاءِ عَلَى الضَّلَالَةِ وَأَنْتَ وَحْدَكَ عَلَى الْحَقِّ؟! قَالَ: نَعَمْ. فَغَضِبَ الْأَمِيرُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِنَفْيِهِ مِنَ الْبَلَدِ، فَاسْتَنْظَرَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَأَنْظَرَهُ، وَأَرْسَلَ بُزْغُشُ الْأُسَارَى مِنَ الْقَلْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>