مِائَةِ سَنَةٍ وَنَيِّفٍ، نَزَلَ عَنِ الْمُلْكِ لِوَلَدِهِ بَشْتَاسِبَ فَكَانَ فِي زَمَانِهِ ظُهُورُ دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ ; وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ اسْمُهُ زَرَادُشْتَ كَانَ قَدْ صَحِبَ أَرْمِيَا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَغْضَبَهُ، فَدَعَا عَلَيْهِ أَرْمِيَا فَبَرَصَ زَرَادُشْتُ فَذَهَبَ فَلَحِقَ بِأَرْضِ أَذْرَبِيجَانَ وَصَحِبَ بَشْتَاسِبَ فَلَقَّنَهُ دِينَ الْمَجُوسِيَّةِ الَّذِي اخْتَرَعَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، لَعَنَهُ اللَّهُ، فَقَبِلَهُ مِنْهُ بَشْتَاسِبُ وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَقَهَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلَقَا كَثِيرًا مِمَّنْ أَبَاهُ مِنْهُمْ. ثُمَّ كَانَ بَعْدَ بَشْتَاسِبَ يَهْمَنُ بْنُ بَشْتَاسِبَ وَهُوَ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ الْمَشْهُورِينَ وَالْأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ، وَقَدْ نَابَ بُخْتُ نَصَّرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَعَمَّرَ دَهْرًا طَوِيلًا، قَبَّحَهُ اللَّهُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ أَنَّ هَذَا الْمَارَّ عَلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ هُوَ أَرْمِيَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقِ الْمُتَقَدِّمِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلَيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عُزَيْرٌ. وَهَذَا أَشْهَرُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[قِصَّةُ الْعُزَيْرِ]
[هَلْ كَانَ عُزَيْرٌ نَبِيًّا أَمْ لَا]
وَهَذِهِ قِصَّةُ الْعُزَيْرِ
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: هُوَ عُزَيْرُ بْنُ حَيْوَةَ وَيُقَالُ: ابْنُ سُورَيْقَ بْنِ عِرْنَا بْنِ أَيُّوبَ بْنِ دِرِثْنَا بْنِ عَرَى بْنِ تَقَى بْنِ السُّبُوعِ بْنِ فِنْحَاصَ بْنِ الْعَازِرِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ. وَيُقَالُ: عُزَيْرُ بْنُ شُرُوخَا. جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ قَبْرَهُ بِدِمَشْقَ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا أَدْرِي أَلُعِنَ تُبَّعٌ أَمْ لَا، وَلَا أَدْرِي أَكَانَ عُزَيْرٌ نَبِيًّا أَمْ لَا؟» ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقِ السِّجْزِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute