السَّادِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِتُرْبَتِهِ، وَقَدِ ابْتَنَى مَدْرَسَةً هَائِلَةً، وَجَعَلَ فِيهَا الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ، وَدَارًا لِلْحَدِيثِ، وَخَانَقَاهُ لِلصُّوفِيَّةِ، وَأَوْقَفَ عَلَيْهَا شَيْئًا كَثِيرًا، وَقَرَّرَ فِيهَا مَعَالِيمَ وَافِرَةً دَارَّةً، وَتَرَكَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَحَوَاصِلَ كَثِيرَةً، وَدَوَاوِينَ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ، وَخَلَّفَ بَنَاتٍ، وَزَوْجَةً، وَوِرْثَ الْبَقِيَّةَ أَوْلَادُ السُّلْطَانِ الْمَذْكُورِ - بِالْوَلَاءِ. وَمُسِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ أُمَرَاءُ كَثِيرُونَ بِمِصْرَ كَانُوا مِنْ حِزْبِهِ، مِنْ أَشْهَرِهِمْ عِزُّ الدِّينِ طُقْطَايْ الدَّوَادَارُ، وَابْنُ قَوْصُونَ، وَأُمُّهُ أُخْتُ السُّلْطَانِ، خَلَفَ عَلَيْهَا شَيْخُونَ بَعْدَ قَوْصُونَ.
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْإِسْلَامِ بِالْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ، وَالشَّامِيَّةِ، وَالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ - الْمَلِكُ النَّاصِرُ حَسَنٌ ابْنُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَقَدْ قَوِيَ جَانِبُهُ وَحَاشِيَتُهُ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ شَيْخُونَ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي سَادِسِ عِشْرِينَ ذِي الْقِعْدَةِ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَصَارَ إِلَيْهِ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ، وَالْأَنْعَامِ، وَالْحَرْثِ، وَكَذَلِكَ مِنَ الْمَمَالِيكِ، وَالْأَسْلِحَةِ، وَالْعُدَّةِ، وَالْبَرَكِ، وَالْمَتَاجِرِ مَا يَشُقُّ حَصْرُهُ، وَيَتَعَذَّرُ إِحْصَاؤُهُ هَاهُنَا، وَلَيْسَ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِيمَا بَلَغَنَا إِلَى الْآنَ نَائِبٌ وَلَا وَزِيرٌ، وَالْقُضَاةُ بِهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَمَّا دِمَشْقُ فَنَائِبُهَا وَقُضَاتُهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، سِوَى الْحَنَفِيِّ، فَإِنَّهُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفُ الدِّينِ الْكَفْرِيُّ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ الدِّينِ الطَّرَسُوسِيِّ; تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَنَائِبُ حَلَبَ سَيْفُ الدِّينِ طَازْ، وَطَرَابُلُسَ مَنْجَكُ، وَحَمَاةَ أَسَنْدَمُرَ الْعُمَرِيُّ، وَصَفَدَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ، وَبِحِمْصَ صَلَاحُ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute