للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُحَدِّثَهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَهُ.

قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي أَنْشَدَهُ أَبُو نُوَاسٍ فِي شِعْرِهِ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي «» كَامِلِهِ «» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا، وَمَرْفُوعًا مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ مَنِ ابْتُلِيَ بِالْعِشْقِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ فَصَبَرَ وَعَفَّ عَنِ الْفَاحِشَةِ وَلَمْ يُفْشِ ذَلِكَ فَمَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، حَصَلَ لَهُ أَجْرٌ كَبِيرٌ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ نَوْعُ شَهَادَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَى الْخَطِيبُ أَيْضًا أَنَّ شُعْبَةَ لَقِيَ أَبَا نُوَاسٍ فَقَالَ لَهُ: حَدِّثْنَا مِنْ طُرَفِكَ، فَقَالَ مُرْتَجِلًا:

حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ عَنْ وَائِلٍ … وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ جَابِرِ

وَمِسْعَرٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ … يَرْفَعُهُ الشَّيْخُ إِلَى عَامِرِ

قَالُوا جَمِيعًا أَيُّمَا طِفْلَةٍ … عُلِّقَهَا ذُو خُلُقٍ طَاهِرِ

فَوَاصَلَتْهُ ثُمَّ دَامَتْ لَهُ … عَلَى وِصَالِ الْحَافِظِ الذَّاكِرِ

كَانَتْ لَهُ الْجَنَّةُ مَفْتُوحَةً … يَرْتَعُ فِي مَرْتَعِهَا الزَّاهِرِ

وَأَيُّ مَعْشُوقٍ جَفَا عَاشِقًا … بَعْدَ وِصَالٍ دَائِمٍ نَاضِرِ

فَفِي عَذَابِ اللَّهِ بُعْدًا لَهُ … نَعَمْ وَسُحْقٍ دَائِمٍ دَاحِرِ

فَقَالَ لَهُ شُعْبَةُ: إِنَّكَ لَجَمِيلُ الْأَخْلَاقِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو لَكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>