للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ذَهَبَتْ وَبَقِيَ بَعْدَهَا عَمُودَانِ أَحْمَرَانِ فِي السَّمَاءِ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ. وَجَرَتْ بِالْكُوفَةِ حُرُوبٌ بَيْنَ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ الْمَأْمُونِ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا وَعَلَى أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ السَّوَادُ وَعَلَى أَصْحَابِ الْمَأْمُونِ الْخُضْرَةُ وَاسْتَمَرَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ إِلَى أَوَاخِرِ رَجَبٍ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَفِرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِسَهْلِ بْنِ سَلَامَةَ الْمُطَّوِّعِيِّ فَسَجَنَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْتَفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ يَقُومُونَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَكِنْ كَانُوا قَدْ جَاوَزُوا الْحَدَّ وَأَنْكَرُوا عَلَى السُّلْطَانِ، وَدَعَوْا إِلَى الْقِيَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَصَارَ بَابُ دَارِهِ كَأَنَّهُ بَابُ سُلْطَانٍ عَلَيْهِ السِّلَاحُ وَالرِّجَالُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أُبَّهَةِ الْمُلْكِ، فَقَاتَلَهُ الْجُنْدُ فَكَسَرُوا أَصْحَابَهُ، فَأَلْقَى السِّلَاحَ وَصَارَ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنَّظَّارَةِ، ثُمَّ اخْتَفَى فِي بَعْضِ الدُّرُوبِ فَأُخِذَ وَجِيءَ بِهِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَجَنَهُ سَنَةً كَامِلَةً.

وَفِيهَا أَقْبَلَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ قَاصِدًا الْعِرَاقَ، وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيَّ أَخْبَرَ الْمَأْمُونَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْفِتَنِ وَالِاخْتِلَافِ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، وَبِأَنَّ الْهَاشِمِيِّينَ قَدْ أَنْهَوْا إِلَى النَّاسِ بِأَنَّ الْمَأْمُونَ مَسْحُورٌ وَمَجْنُونٌ، وَأَنَّهُمْ قَدْ يَنْقِمُونَ عَلَيْكَ بِبَيْعَتِكَ لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَأَنَّ الْحَرْبَ قَائِمَةٌ بَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>