[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا كَانَ مَقْتَلُ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مُغَاضِبًا لِلْخَلِيفَةِ فِي مَمَالِيكِهِ وَحَشَمِهِ، مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْمَوْصِلِ وَرَدَّ مِنْ أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ مَوْلَاهُ بُشْرَى إِلَى الْمُقْتَدِرِ لِيَسْتَعْلِمَ لَهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ رِسَالَةً يُخَاطِبُ بِهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا وَصَلَ أَمْرُهُ الْوَزِيرَ الْحُسَيْنَ بْنَ الْقَاسِمِ - وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أَعْدَاءِ مُؤْنِسٍ - بِأَنْ يُؤَدِّيَهَا إِلَيْهِ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إِلَّا إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَأَحْضَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَهَا لِلْوَزِيرِ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: مَا أَمَرَنِي صَاحِبِي بِهَذَا. فَشَتَمَهُ الْوَزِيرُ وَشَتَمَ صَاحِبَهُ، وَأَمَرَ بِضَرْبِهِ وَمُصَادَرَتِهِ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَخَذَ خَطَّهُ بِهَا، وَأَمَرَ بِنَهْبِ دَارِهِ، ثُمَّ أَمَرَ الْوَزِيرُ بِالْقَبْضِ عَلَى أَقْطَاعِ مُؤْنِسٍ وَأَمْلَاكِهِ وَأَمْلَاكِ مَنْ مَعَهُ، فَحُصِّلَ مِنْ ذَلِكَ مَالٌ عَظِيمٌ، وَارْتَفَعَ أَمْرُ الْوَزِيرِ عِنْدَ الْمُقْتَدِرِ، وَلَقَّبَهُ عَمِيدَ الدَّوْلَةِ، وَضَرَبَ اسْمَهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَتَمَكَّنَ مِنَ الْأُمُورِ جِدًّا، فَعَزَلَ وَوَلَّى، وَقَطَعَ وَوَصَلَ، وَفَرِحَ بِنَفْسِهِ حِينًا قَلِيلًا. وَأَرْسَلَ إِلَى هَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ فِي الْحَالِ، وَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتَ يَسْتَحْضِرُهُمَا إِلَى الْحَضْرَةِ، عِوَضًا عَنْ مُؤْنِسٍ، فَصَمَّمَ الْمُظَفَّرُ مُؤْنِسٌ فِي مَسِيرِهِ إِلَى الْمَوْصِلِ وَجَعَلَ يَقُولُ لِأُمَرَاءَ الْأَعْرَابِ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ قَدْ وَلَّانِي الْمَوْصِلَ وَدِيَارَ رَبِيعَةَ. فَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute