[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ كَلَامِ الرَّافِضَةِ فِي مِيرَاثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
فَصْلٌ
وَقَدْ تَكَلَّمَتِ الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِجَهْلٍ، وَتَكَلَّفُوا مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ، وَكَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ، وَأَدْخَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ، وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَرُدَّ خَبَرَ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ حَيْثُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: ١٦] الْآيَةَ. [النَّمْلِ: ١٦] . وَحَيْثُ قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا، عَنْ زَكَرِيَّا أَنَّهُ قَالَ: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: ٥] إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ فِي الْمُلْكِ وَالنُّبُوَّةِ ; أَيْ جَعَلْنَاهُ قَائِمًا بَعْدَهُ فِيمَا كَانَ يَلِيهِ مِنَ الْمُلْكِ وَتَدْبِيرِ الرَّعَايَا، وَالْحُكْمِ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَجَعَلْنَاهُ نَبِيًّا كَرِيمًا كَأَبِيهِ، فَكَمَا جُمِعَ لِأَبِيهِ الْمُلْكُ وَالنُّبُوَّةُ كَذَلِكَ جُعِلَ وَلَدُهُ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا وِرَاثَةَ الْمَالِ ; لِأَنَّ دَاوُدَ كَمَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ كَثِيرُونَ يُقَالُ: مِائَةُ وَلَدٍ. فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ سُلَيْمَانَ مِنْ بَيْنِهِمْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ وِرَاثَةَ الْمَالِ؟ إِنَّمَا الْمُرَادُ وِرَاثَةُ الْقِيَامِ بَعْدَهُ فِي النُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: ١٦] وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْآيَاتِ. وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِنَا " التَّفْسِيرِ " بِمَا فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute