[تَعْظِيمُ قُرَيْشٍ لِأَمْرِ الْحَرَمِ]
فَصْلٌ
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَا كَانَتْ قُرَيْشٌ ابْتَدَعُوهُ فِي تَسْمِيَتِهِمُ الْحُمْسَ، وَهُوَ الشِّدَّةُ فِي الدِّينِ وَالصَّلَابَةُ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَظَّمُوا الْحَرَمَ تَعْظِيمًا زَائِدًا بِحَيْثُ الْتَزَمُوا بِسَبَبِهِ أَنْ لَا يَخْرُجُوا مِنْهُ لَيْلَةَ عَرَفَةَ كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ أَبْنَاءُ الْحَرَمِ، وَقُطَّانُ بَيْتِ اللَّهِ فَكَانُوا لَا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهَا مِنْ مَشَاعِرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى لَا يَخْرُجُوا عَنْ نِظَامِ مَا كَانُوا قَرَّرُوهُ مِنَ الْبِدْعَةِ الْفَاسِدَةِ، وَكَانُوا لَا يَدَّخِرُونَ مِنَ اللَّبَنِ أَقِطًا وَلَا سَمْنًا وَلَا يَسْلَئُونَ شَحْمًا وَهُمْ حُرُمٌ وَلَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا مِنْ شَعَرٍ وَلَا يَسْتَظِلُّونَ إِنِ اسْتَظَلُّوا إِلَّا بِبَيْتٍ مِنْ أَدَمٍ، وَكَانُوا يَمْنَعُونَ الْحَجِيجَ وَالْعُمَّارَ مَا دَامُوا مُحْرِمِينَ أَنْ يَأْكُلُوا إِلَّا مِنْ طَعَامِ قُرَيْشٍ وَلَا يَطُوفُوا إِلَّا فِي ثِيَابِ قُرَيْشٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ثَوْبَ أَحَدٍ مِنَ الْحُمْسِ - وَهُمْ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدُوا وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ مِنْ كِنَانَةَ وَخُزَاعَةَ - طَافَ عُرْيَانًا وَلَوْ كَانَتِ امْرَأَةً، وَلِهَذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اتَّفَقَ طَوَافُهَا لِذَلِكَ، وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَرْجِهَا، وَتَقُولُ
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ... وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
فَإِنْ تَكَرَّمَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَجِدُ ثَوْبَ أَحْمَسِيٍّ فَطَافَ فِي ثِيَابِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ إِذَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute