الْبَلَدِ، وَاحْتِيطَ عَلَى حَوَاصِلِ أَرْغُونَ شَاهْ، فَبَاتَ عَزِيزًا وَأَصْبَحَ ذَلِيلًا، وَأَمْسَى عَلَيْنَا نَائِبَ السَّلْطَنَةِ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ أَحَاطَ بِهِ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ مَالِكِ الْمُلْكِ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ، وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ، وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٧] . ثُمَّ لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَصْبَحَ مَذْبُوحًا، فَأُثْبِتَ مَحْضَرٌ بِأَنَّهُ ذَبَحَ نَفْسَهُ، فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[كَائِنَةٌ عَجِيبَةٌ غَرِيبَةٌ جِدًّا]
ثُمَّ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ جَيْشِ دِمَشْقَ وَبَيْنَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ أُلْجَيْبُغَا نَائِبِ طَرَابُلُسَ، الَّذِي جَاءَ فَأَمْسَكَ نَائِبَ دِمَشْقَ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ أَرْغُونَ شَاهْ النَّاصِرِيَّ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ، وَقَتَلَهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَقَامَ بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ يَسْتَخْلِصُ أَمْوَالَهُ، وَحَوَاصِلَهُ، وَيَجْمَعُهَا عِنْدَهُ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ الْكِبَارُ، وَأَمَرُوهُ أَنْ يَحْمِلَ الْأَمْوَالَ إِلَى قَلْعَةِ السُّلْطَانِ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، فَاتَّهَمُوهُ فِي أَمْرِهِ، وَشَكُّوا فِي الْكِتَابِ الَّذِي عَلَى يَدِهِ مِنَ الْأَمْرِ بِمَسْكِهِ وَقَتْلِهِ، وَرَكِبُوا مُلْبِسِينَ تَحْتَ الْقَلْعَةِ وَأَبْوَابِ الْمَيَادِينِ، وَرَكِبَ هُوَ فِي أَصْحَابِهِ وَهُمْ فِي دُونِ الْمِائَةِ، وَقَائِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute