يَقُولُ: هُمْ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ. جَعَلُوا يَحْمِلُونَ عَلَى الْجَيْشِ حَمْلَ الْمُسْتَقْبِلِينَ، إِنَّمَا يُدَافِعُهُمْ مُدَافَعَةَ الْمُتَبَرِّمِينَ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَرْسُومٌ بِقَتْلِهِمْ وَلَا قِتَالِهِمْ; فَلِهَذَا وَلَّى أَكْثَرُهُمْ مُنْهَزِمِينَ، فَخَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ حَتَّى بَعْضُ الْأُمَرَاءِ الْمُقَدَّمِينَ، وَهُوَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ سَيْفُ الدِّينِ أُلْجَيْبُغَا الْعَادِلِيُّ، فَقُطِعَتْ يَدَهُ الْيُمْنَى، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِينَ، وَقُتِلَ آخَرُونَ مِنْ أَجْنَادِ الْحَلْقَةِ وَالْمُسْتَخْدَمِينَ، ثُمَّ انْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى أَنْ أَخَذَ أُلْجَيْبُغَا الْمُظَفَّرِيُّ مِنْ خُيُولِ أَرْغُونَ شَاهْ الْمُرْتَبِطَةِ فِي إِسْطَبْلِهِ مَا أَرَادَ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمِزَّةِ صَاعِدًا عَلَى عَقَبَتِهَا، وَمَعَهُ الْأَمْوَالُ الَّتِي جَمَعَهَا مِنْ حَوَاصِلِ أَرْغُونَ شَاهْ، وَاسْتَمَرَّ ذَاهِبًا، وَلَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنَ الْجَيْشِ، وَصُحْبَتُهُ الْأَمِيرُ فَخْرُ الدِّينِ إِيَاسُ الَّذِي كَانَ حَاجِبًا، وَنَابَ فِي حَلَبَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي، فَذَهَبَا بِمَنْ مَعَهُمَا إِلَى طَرَابُلُسَ، وَكَتَبَ أُمَرَاءُ الشَّامِ إِلَى السُّلْطَانِ يُعْلِمُونَهُ بِصُورَةِ مَا وَقَعَ، فَجَاءَ الْبَرِيدُ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ السُّلْطَانِ عَلْمٌ بِمَا وَقَعَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَنَّ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ عَلَى يَدَيْهِ مُفْتَعِلٌ، وَجَاءَ الْأَمْرُ لِأَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنْ جَيْشِ دِمَشْقَ أَنْ يَسِيرُوا وَرَاءَهُ لِيُمْسِكُوهُ، ثُمَّ أُضِيفَ نَائِبُ صَفَدَ مُقَدَّمًا عَلَى الْجَمِيعِ، فَخَرَجُوا فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسِ رَبِيعٍ الْآخِرِ خَرَجَتِ الْعَسَاكِرُ فِي طَلَبِ سَيْفِ الدِّينِ أُلْجَيْبُغَا الَّذِي فَعَلَ الْأَفَاعِيلَ، وَخَرَجَ مِنْ دِمَشْقَ بِالسَّالِمِيِّ بَعْدَ مَا قَتَلَ نَائِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute