[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ تُقُدِّمَ إِلَى أَهْلِ الْكَرْخِ أَنْ لَا يَعْمَلُوا بِدَعَةَ النَّوْحِ، فَجَرَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ بَابِ الْبَصْرَةِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْحَدِّ ; مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ.
وَفِيهَا بَنَى أَهْلُ الْكَرْخِ سُورًا عَلَيْهِ، وَبَنَى أَهْلُ السُّنَّةِ سُورًا عَلَى سُوقِ الْقَلَّائِينَ، وَنَقَضَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَبْنِيَتَهُ، وَحَمَلُوا الْآجُرَّ إِلَى مَوَاضِعَ بِالطُّبُولِ وَالْمَزَامِيرِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ مُفَاخَرَاتٌ فِي ذَلِكَ وَسُخْفٌ لَا تَنْحَصِرُ وَلَا تَنْضَبِطُ، ثُمَّ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ فِتَنٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَأَحْرَقُوا دُورًا كَثِيرَةً جِدًّا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِيهَا وَقَعَتْ وَحْشَةٌ بَيْنَ الْمَلِكِ طُغْرُلْبَكَ وَأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ، فَأَمَرَ طُغْرُلْبَكُ بِضَرْبِهِ وَسَمْلِ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَقَطْعِ شَفَتَيْهِ، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ، فَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَأَخُوهُ، فَهَزَمَهُ طُغْرُلْبَكُ ثُمَّ أَسَرَهُ مِنْ قَلْعَةٍ قَدْ تَحَصَّنَ بِهَا، بَعْدَ مُحَاصَرَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَاسْتَنْزَلَهُ مَقْهُورًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ، وَأَقَامَ عِنْدَ أَخِيهِ مُكَرَّمًا.
وَكَتَبَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى طُغْرُلْبَكَ فِي فِدَاءِ بَعْضِ مُلُوكِهِمْ مِمَّنْ كَانَ أَسَرَهُ إِبْرَاهِيمُ يَنَّالَ، وَيَبْذُلُ لَهُ فِيهِ قِطْعَةً كَثِيرَةً مِنَ الْمَالِ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ مَلِكُ الرُّومِ هَدَايَا كَثِيرَةً وَتُحَفًا غَزِيرَةً، وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَأُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ وَالْجُمُعَةُ، وَخُطِبَ فِيهِ لِلْمَلِكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute