ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِذَا وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى تَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، ثُمَّ يَتَرَقَّى بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى سَبِّهِمَا لِأَنَّهُمَا ظَلَمَا عَلِيًّا وَأَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ يَتَرَقَّى بِهِ إِلَى تَجْهِيلِ الْأُمَّةِ وَتَخْطِئَتِهَا فِي مُوَافَقَةِ أَكْثَرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَشْرَعُ فِي الْقَدْحِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَيْثُ هُوَ. وَقَدْ ذَكَرَ لِمُخَاطَبَتِهِ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِذَلِكَ شُبَهًا وَضَلَالَاتٍ، لَا تَرُوجُ إِلَّا عَلَى كُلِّ غَبِيٍّ جَاهِلٍ شَقِيٍّ. كَمَا قَالَ تَعَالَى وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [الذَّارِيَاتِ: ٧ - ٩] أَيْ يَضِلُّ بِهِ مَنْ هُوَ ضَالٌّ. وَقَالَ تَعَالَى فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمَ [الصَّافَّاتِ: ١٦١ - ١٦٣] وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ [الْأَنْعَامِ: ١١٢ - ١١٣] وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَمَضْمُونُهَا أَنَّ الْجَهْلَ وَالضَّلَالَ لَا يَنْقَادُ لَهَا إِلَّا شِرَارُ النَّاسِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
إِنْ هُوَ مُسْتِحْوِذًا عَلَى … أَحَدٍ إِلَّا عَلَى أَضْعَفِ الْمَجَانِينِ
ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَهُمْ مَقَامَاتٌ فِي الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ وَالسَّخَافَةِ وَالرُّعُونَةِ مَا لَا يَنْبَغِي لِضَعِيفِ عَقْلٍ أَوْ دِينٍ أَوْ تَصَوُّرٍ سَمَاعُهُ، مِمَّا فَتَحَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ مِنَ الْأَبْوَابِ وَأَنْوَاعِ الْجَهَالَاتِ، وَرُبَّمَا أَفَادَ بَعْضُهُمْ إِبْلِيسَ أَشْيَاءَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute