[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
ٍ فِيهَا بَنَى أَبُو سَعِيدٍ الْمُسْتَوْفِي الْمُلَقَّبُ بِشَرَفِ الْمُلْكِ، مَشْهَدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بِبَغْدَادَ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ قُبَّةً، وَعَمِلَ بِإِزَائِهِ مَدْرَسَةً، وَأَنْزَلَهَا الْمُدَرِّسَ وَالْفُقَهَاءَ، فَدَخَلَ أَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ الْبَيَاضِيِّ زَائِرًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَأَنْشَدَ ارْتِجَالًا:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعِلْمَ كَانَ مُضَيَّعًا ... فَجَمَّعَهُ هَذَا الْمُغَيَّبُ فِي اللَّحْدِ
كَذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ مَيْتَةً ... فَأَنْشَرَهَا جُودُ الْعَمِيْدِ أَبِي السَّعْدِ
وَفِي شَعْبَانَ هَبَّتْ رِيحٌ حَارَّةٌ فَمَاتَ بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ وَدَوَابٌّ بِبَغْدَادَ، وَأَتْلَفَتْ شَجَرًا كَثِيرًا مِنَ اللَّيْمُونِ وَالْأُتْرُجِّ.
وَفِيهَا احْتَرَقَ قَبْرُ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ وَكَانَ سَبَبَهُ أَنَّ الْقِيِّمَ طُبِخَ لَهُ مَاءُ الشَّعِيرِ لِمَرَضِهِ فَتَعَدَّتِ النَّارُ إِلَى الْأَخْشَابِ فَاحْتَرَقَ الْمَشْهَدُ بِكَمَالِهِ.
وَفِيهَا وَقَعَ غَلَاءٌ وَفَنَاءٌ بِدِمَشْقَ وَحَلَبَ وَحَرَّانَ وَخُرَاسَانَ بِكَمَالِهَا وَوَقَعَ الْفَنَاءُ فِي الدَّوَابِّ ; كَانَتْ تَنْتَفِخُ رُءُوسُهَا وَأَعْيُنُهَا حَتَّى كَانَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ حُمُرَ الْوَحْشِ بِالْأَيْدِي وَلَكِنْ يَأْنَفُونَ مِنْ أَكْلِهَا.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظَمِ: وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ عَاشِرِ ذِي الْقَعْدَةِ جَمَعَ الْعَمِيدُ أَبُو سَعْدٍ الْقَاضِي النَّاسَ لِيَحْضُرُوا الدَّرْسَ بِالنِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَعَيَّنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute