لِلْعَزَاءِ، وَهَكَذَا الدُّنْيَا قَرْضٌ هَذَا يُعَزَّى وَهَذَا يُهَنَّى.
وَفِي رَمَضَانَ عُزِلَ الْوَزِيرُ أَحْمَدُ بْنُ النِّظَامِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وَزَارَتِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا.
وَفِيهَا حَاصَرَتِ الْفِرِنْجُ مَدِينَةَ صُورَ، وَكَانَتْ بِأَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ، عَلَيْهَا عِزُّ الْمُلْكِ الْأَعَزُّ مِنْ جِهَتِهِمْ فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا عَظِيمًا وَمَنَعَهَا مَنْعًا جَيِّدًا حَتَّى فَنِيَ مَا عِنْدَهُ مِنَ النِّشَابِ وَالْعُدَدِ، فَأَمَدَّهُ طُغْتِكِينُ صَاحِبُ دِمَشْقَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْعُدَدَ وَالْآلَاتِ فَقَوِيَ جَانِبُهُ، وَتَرَحَّلَتْ عَنْهُ الْفِرِنْجُ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الْجُيُوشِ نَظَرٌ الْخَادِمُ وَكَانَتْ سَنَةً مُخْصِبَةً.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَّالِيُّ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ وَتَفَقَّهَ عَلَى إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَبَرَعَ فِي عُلُومٍ كَثِيرَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ مُنْتَشِرَةٌ فِي فُنُونٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَكَانَ مِنْ أَذْكِيَاءِ الْعَالَمِ فِي كُلِّ مَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ، وَسَادَ فِي شَبِيبَتِهِ حَتَّى إِنَّهُ دَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، فَحَضَرَ عِنْدَهُ رُءُوسَ الْعُلَمَاءِ، وَكَانَ مِمَّنْ حَضَرَ عِنْدَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنْ رُءُوسِ الْحَنَابِلَةِ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ فَصَاحَتِهِ وَاطِّلَاعِهِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَتَبُوا كَلَامَهُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ عَنِ الدُّنْيَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَقْبَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute