للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَزِيرِ، وَقَدْ وَلَّاهُ الرَّشِيدُ الشَّامَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ الرَّشِيدَ بَعَثَهُ إِلَى دِمَشْقَ لَمَّا ثَارَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنِ الْعِشْرَيْنِ بَحُورَانَ بَيْنَ قَيْسٍ وَيَمَنٍ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا أَنْشَئُوهُ فِي الْإِسْلَامِ، كَانَ خَامِدًا فَأَثَارُوهُ فِي هَذَا الْأَوَانِ، فَلِمَا قَدِمَ جَعْفَرٌ بِجَيْشِهِ خَمَدَتِ الشُّرُورُ وَظَهَرَ السُّرُورُ، وَقِيلَتْ فِي ذَلِكَ أَشْعَارٌ حِسَانٌ قَدْ ذَكَرَهَا فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ «تَارِيخِهِ» فَمِنْهَا:

لَقَدْ أُوقِدَتْ فِي الشَّامِ نِيرَانُ فِتْنَةٍ … فَهَذَا أَوَانُ الشَّامِ تُخْمَدُ نَارُهَا

إِذَا جَاشَ مَوْجُ الْبَحْرِ مِنْ آلِ بَرْمَكٍ … عَلَيْهَا خَبَتْ شُهْبَانُهَا وَشِرَارُهَا

رَمَاهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِجَعْفَرٍ … وَفِيهِ تَلَاقَى صَدْعُهَا وَانْجِبَارُهَا

رَمَاهَا بِمَيْمُونِ النَّقِيبَةِ مَاجِدٍ … تَرَاضَى بِهِ قَحْطَانُهَا وَنِزَارُهَا

هُوَ الْمَلِكُ الْمَأْمُولُ لِلَّبِرِّ وَالتُّقَى … وَصَوْلَاتُهُ لَا يُسْتَطَاعُ خِطَارُهَا

وَزِيرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيْفُهُ … وَمُدْيَتُهُ وَالْحَرْبُ تَدْمَى شِفَارُهَا

وَمَنْ تُطْوَ أَسْرَارُ الْخَلِيفَةِ دُونَهُ … فَعِنْدَكَ مَأْوَاهَا وَأَنْتَ قَرَارُهَا

إِذَا مَا ابْنُ يَحْيَى جَعْفَرٌ قَصَدَتْ لَهُ … مُلِمَّاتُ خَطْبٍ لَمْ تَرُعْهُ كِبَارُهَا

لَقَدْ نَشَأَتْ بِالشَّامِ مِنْكَ غَمَامَةٌ … يُؤْمَلُ جَدْوَاهَا وَيُخْشَى دَمَارُهَا

وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، اقْتَصَرْنَا مِنْهَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ، وَكَانَتْ لَهُ فَصَاحَةٌ وَبَلَاغَةٌ وَكَرَمٌ زَائِدٌ، كَانَ أَبُوهُ قَدْ ضَمَّهُ إِلَى الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ، فَتَفَقَّهُ عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>