[سَلْطَنَةُ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ صَلَاحِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ]
ِ حَاجِّي ابْنِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيِّ، وَزَوَالُ دَوْلَةِ عَمِّهِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ حَسَنٍ ابْنِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ
لَمَّا كَثُرَ طَمَعُهُ، وَتَزَايَدَ شَرَهُهُ، وَسَاءَتْ سِيرَتُهُ إِلَى رَعِيَّتِهِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ فِي مَعَايِشِهِمْ وَأَكْسَابِهِمْ، وَبَنَى الْبِنَايَاتِ الْجَبَّارَةَ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إِلَى كَثِيرٍ مِنْهَا، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَمْلَاكِ بَيْتِ الْمَالِ وَأَمْوَالِهِ، وَاشْتَرَى مِنْهُ قَرَايَا كَثِيرَةً، وَمُدُنَا أَيْضًا، وَرَسَاتِيقَ، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ جِدًّا، وَلَمْ يَتَجَاسَرْ أَحَدٌ مِنَ الْقُضَاةِ، وَلَا الْوُلَاةِ، وَلَا الْعُلَمَاءِ، وَلَا الصُّلَحَاءِ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ، وَلَا الْهُجُومِ عَلَيْهِ، وَلَا النَّصِيحَةِ لَهُ بِمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ - انْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِ جُنْدَهُ، وَقَلَّبَ قُلُوبَ رَعِيَّتِهِ مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ عَلَيْهِ; لِمَا قَطَعَ مِنْ أَرْزَاقِهِمْ، وَمَعَالِيمِهِمْ، وَجَوَامِكِهِمْ، وَأَخْبَازِهِمْ، وَأَضَافَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ إِلَى خَاصَّتِهِ، فَقَلَّتِ الْأُمَرَاءُ، وَالْأَجْنَادُ، وَالْمُقَدَّمُونَ، وَالْكُتَّابُ، وَالْمُوَقِّعُونَ، وَمَسَّ النَّاسَ الضَّرَرُ، وَتَعَدَّى عَلَى جَوَامِكِهِمْ، وَأَوْلَادِهِمْ، وَمَنْ يَلُوذُ بِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى هَلَاكَهُ عَلَى يَدِ أَحَدِ خَوَاصِّهِ، وَهُوَ الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ سَيْفُ الدِّينِ يَلْبُغَا الْخَاصِّكِيُّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ السُّلْطَانُ مَسْكَهُ فَاعْتَدَّ لِذَلِكَ، وَرَكِبَ السُّلْطَانُ لِمَسْكِهِ فَرَكِبَ هُوَ فِي جَيْشٍ، وَتَلَاقَيَا فِي ظَاهِرِ الْقَاهِرَةِ حَيْثُ كَانُوا نُزُولًا فِي الْوِطَاقَاتِ، فَهُزِمَ السُّلْطَانُ بَعْدَ كُلِّ حِسَابٍ، وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ طَائِفَةٌ، وَلَجَأَ السُّلْطَانُ إِلَى قَلْعَةِ الْجَبَلِ: {كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: ١١] ، وَلَنْ يُنْجِيَ حَذَرٌ مِنْ قَدْرٍ، فَبَاتَ الْجَيْشُ بِكَمَالِهِ مُحْدِقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute