للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي رَمَضَانَ جَهَّزَ الظَّاهِرُ صُنَّاعًا وَأَخْشَابًا وَآلَاتٍ كَثِيرَةً لِعِمَارَةِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ حَرِيقِهِ، فَطِيفَ بِتِلْكَ الْأَخْشَابِ وَالْآلَاتِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَرْحَةً بِهَا وَتَعْظِيمًا لَهَا، ثُمَّ سَارُوا بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ.

وَفِي شَوَّالٍ سَارَ الظَّاهِرُ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَنَظَرَ فِي أَحْوَالِهَا وَأُمُورِهَا، وَعَزَلَ قَاضِيَهَا وَخَطِيبَهَا نَاصِرَ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنَ الْمُنِيرِ، وَوَلَّى غَيْرَهُ.

وَفِيهَا الْتَقَى بَرَكَةُ قَانَ وَهُولَاوُو وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ جُيُوشٌ كَثِيرَةٌ، فَاقْتَتَلُوا فَهُزِمَ هُولَاكُو هَزِيمَةً فَظِيعَةً، وَقُتِلَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَغَرِقَ أَكْثَرُ مَنْ بَقِيَ، وَهَرَبَ هُوَ فِي شِرْذِمَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَلَمَّا نَظَرَ بَرَكَةُ خَانَ إِلَى كَثْرَةِ الْقَتْلَى قَالَ: يَعِزُّ عَلَيَّ أَنْ يَقْتُلَ الْمَغُولُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَكِنْ كَيْفَ الْحِيلَةُ فِيمَنْ غَيَّرَ سُنَّةَ جِنْكِزْخَانَ؟ ! ثُمَّ أَغَارَ بَرَكَةُ خَانَ عَلَى بِلَادِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَصَانَعَهُ صَاحِبُهَا، وَأَرْسَلَ الظَّاهِرُ هَدَايَا عَظِيمَةً إِلَى بَرَكَةَ وَتُحَفًا كَثِيرَةً هَائِلَةً.

[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ، أَبُو بَكْرٍ الْيَعْمُرِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ الْحَافِظُ

وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَحَصَّلَ كُتُبًا عَظِيمَةً، وَصَنَّفَ أَشْيَاءَ حَسَنَةً، وَخُتِمَ بِهِ الْحُفَّاظُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، تُوفِّيَ بِمَدِينَةِ تُونُسَ فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>