[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا خَطَبَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ ابْنَةَ الْخَلِيفَةِ، فَانْزَعَجَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ. ثُمَّ طَلَبَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً كَهَيْئَةِ الْمُبْعِدِ لَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَتْ مِنَ الْإِقْطَاعَاتِ بِأَرْضِ وَاسِطٍ وَصَدَاقٌ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَنْ يُقِيمَ الْمَلِكُ بِبَغْدَادَ لَا يَتَرَحَّلُ مِنْهَا، وَلَا يَحِيدُ عَنْهَا يَوْمًا أَبَدًا، فَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ مَعَ ابْنَةِ أَخِيهِ دَاوُدَ، زَوْجَةِ الْخَلِيفَةِ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ، وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ آلَاتِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنِّثَارِ وَالْجَوَارِي وَالْكُرَاعِ، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ أَلْفَانِ وَمِائَتَا قِطْعَةٍ، مِنْ ذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قِطْعَةً مِنْ جَوْهَرٍ، وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مَثَاقِيلَ إِلَى الْمِثْقَالِ، وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ. فَتَمَنَّعَ الْخَلِيفَةُ لِفَوَاتِ بَعْضِ الشُّرُوطِ، فَغَضِبَ عَمِيدُ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيُّ الْوَزِيرُ لِمَخْدُومِهِ السُّلْطَانِ، وَجَرَتْ شُرُورٌ طَوِيلَةٌ اقْتَضَتْ أَنْ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ كِتَابًا يَأْمُرُ فِيهِ بِانْتِزَاعِ ابْنَةِ أَخِيهِ السَّيِّدَةِ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ، وَنَقْلِهَا مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ إِلَى دَارِ الْمُلْكِ، حَتَّى تَنْفَصِلَ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ، وَعَزَمَ الْمَلِكُ عَلَى النُّقْلَةِ مِنْ بَغْدَادَ وَأَصْلَحَ الطَّيَّارَ فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَجَاءَ كِتَابُ السُّلْطَانِ إِلَى رَئِيسِ شِحْنَةِ بَغْدَادَ بِرْشَقَ يَأْمُرُهُ بِعَدَمِ الْمُرَاقَبَةِ، وَكَثْرَةِ الْعَسْفِ فِي مُقَابَلَةِ رَدِّ أَصْحَابِنَا بِالْحِرْمَانِ، وَيَعْزِمُ عَلَى نُقْلَةِ الْخَاتُونِ إِلَى دَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute